تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰ} (34)

26

المفردات :

أولى لك فأولى : هلاك لك أيها المكذّب ، أو قاربك ما يهلكك .

التفسير :

34 ، 35- أولى لك فأولى* ثم أولى لك فأولى .

ويل لك أيها الشقي ، ثم ويل لك .

قال المفسرون :

هذه العبادرة في لغة العرب ذهبت مذهب المثل في التخويف والتحذير والتهديد ، وأصلها أنها أفعل تفضيل من : وليه الشيء ، إذا قاربه ودنا منه ، أي : وليك الشر وأوشك أن يصيبك ، فاحذر وانتبه لأمرك . اه .

ونلحظ أن القرآن الكريم كان يقود معركة ثقافية ضد هؤلاء المكذبين ، فقد عرض القرآن أربعة أعمال لأبي جهل ، هي :

فلا صدّق ، ولا صلى ، ولكن كذّب وتولّى ، ثم رد عليه بوعيد مكون من أربعة هي :

أولى لك فأولى* ثم أولى لك فأولى .

وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حذّر أبا جهل وتوعّده ، فاستكبر أبو جهل ، وأبى وأعرض ، فقتله الله يوم بدر .

ثم عرض القرآن أدلة عقلية على وجوب البعث ، وسهولة وقوعه على الله تعالى .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰ} (34)

{ أولى لك فأولى } كلمة دعاء وتهديد . أي قاربك ما يهلكك ، أي نزل بك [ آية 20 القتال ص 329 ] وكرر للتأكيد . وذهب الجلال إلى أن المعنى : وليك ما تكره ! فهو أولى بك ! والجملة الأولى للدعاء عليه بقرب المكروه . والثانية للدعاء عليه بأن يكون أقرب إليه من غيره .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰ} (34)

أَولى لك فأَولى : هذه العبارة دعاء على العاصي المتكبر بمعنى ويل لك ثم ويل لك وهلاك لك أيها المكذب .

ويل لك مرة بعد أخرى ، وهذا تهديد ووعيد معناه أولاك الله ما تكرهه ، والنار أولى بك وأجدر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰ} (34)

ثم توعده بقوله : { أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى } وهذه كلمات وعيد ، كررها لتكرير وعيده ،

   
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰ} (34)

قوله تعالى : " أولى لك فأولى ، ثم أولى لك فأولى " تهديد بعد تهديد ، ووعيد بعد وعيد ، أي فهو وعيد أربعة لأربعة ، كما روي أنها نزلت في أبي جهل الجاهل بربه فقال : " فلا صدق ولا صلى . ولكن كذب وتولى " أي لا صدق رسول الله ، ولا وقف بين يدي فصلى ، ولكن كذب رسولي ، وتولى عن التصلية بين يدي . فترك التصديق خصلة ، والتكذيب خصلة ، وترك الصلاة خصلة ، والتولي عن الله تعالى خصلة ؛ فجاء الوعيد أربعة مقابلة لترك الخصال الأربعة . والله أعلم . لا يقال : فإن قوله : " ثم ذهب إلى أهله يتمطى " خصلة خامسة ، فإنا نقول : تلك كانت عادته قبل التكذيب والتولي ، فأخبر عنها ، وذلك بين في قول قتادة على ما نذكره . وقيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد ذات يوم{[15644]} ، فاستقبله أبو جهل على باب المسجد ، مما يلي باب بني مخزوم ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، فهزه أو مرتين ثم قال : ( أولى لك فأولى ) فقال له أبو جهل : أتهددني ؟ فوالله إني لأعز أهل الوادي وأكرمه .

ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال لأبي جهل . وهي كلمة وعيد . قال الشاعر :

فأولى ثم أولى ثم أولى *** وهل للدَّرِّ يُحْلَبُ من مَرَدِّ

قال قتادة : أقبل أبو جهل بن هشام يتبختر ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده فقال : [ أولى لك فأولى ، ثم أولى لك فأولى ] . فقال : ما تستطيع أنت ولا ربك لي شيئا ، إني لأعز من بين جبليها . فلما كان يوم بدر أشرف على المسلمين فقال : لا يعبد الله بعد هذا اليوم أبدا . فضرب الله عنقه ، وقتله شر قتلة .

وقيل : معناه : الويل لك ، ومنه قول الخنساء :

هممت بنفسي كل الهموم *** فأولى لنفسي أولى لها

سأحمل نفسي على آلة{[15645]} *** فإما عليها وإما لها

الآلة : الحالة ، والآلة : السرير أيضا الذي يحمل عليه الميت ، وعلى هذا التأويل قيل : هو من المقلوب ، كأنه قيل : أويل ، ثم أخر الحرف المعتل ، والمعنى : الويل لك حيا ، والويل لك ميتا ، والويل لك يوم البعث ، والويل لك يوم تدخل النار ، وهذا التكرير{[15646]} كما قال : لك الويلات إنك مرجلي أي لك الويل ، ثم الويل ، ثم الويل ، وضعف هذا القول . وقيل : معناه الذم لك ، أولى ، من تركه ، إلا أنه كثير في الكلام فحذف . وقيل : المعنى أنت أولى وأجدر بهذا العذاب . وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : قال الأصمعي " أولى " في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك ، كأنه يقول : قد وليت الهلاك ، قد دانيت الهلاك ، وأصله من الولي ، وهو القرب ، قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار " [ التوبة : 123 ] أي يقربون منكم ، وأنشد الأصمعي :

وأولى أن يكون له الولاَءُ

أي قارب أن يكون له ، وأنشد أيضا :

أولى لمن هاجَتْ له أن يَكْمَدَا

أي قد دنا صاحبها [ من ]{[15647]} الكمد . وكان أبو العباس ثعلب يستحسن قول الأصمعي ويقول : ليس أحد يفسر كتفسير الأصمعي . النحاس : العرب تقول أولى لك : كدت تهلك ثم أفلت ، وكأن تقديره : أولى لك وأولى بك الهلكة . المهدوي قال : ولا تكون أولى ( أفعل منك ) ، وتكون خبر مبتدأ محذوف ، كأنه قال : الوعيد أولى له من غيره ؛ لأن أبا زيد{[15648]} قد حكى : أولاة الآن : إذا أوعدوا . فدخول علامة التأنيث دليل على أنه ليس كذلك . و " لك " خبر عن " أولى " . ولم ينصرف " أولى " لأنه صار علما للوعيد ، فصار كرجل اسمه أحمد . وقيل : التكرير فيه على معنى ألزم لك على عملك السيء الأول ، ثم على الثاني ، والثالث ، والرابع ، كما تقدم .


[15644]:في ز، ك، ل: "ذات ليلة".
[15645]:في أ "على ألة" بفتح فشد، وهي الحربة، وصوابه آلة أي حالة.
[15646]:هو امرؤ القيس، والبيت بتمامه: ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة *** فقالت لك الويلات إنك مرجلى
[15647]:من : ساقطة من الأصول.
[15648]:في (اللسان: ولى) وأسند الحكاية إلى ابن جني. قال: وحكى ابن جني: أولاة الآن، فأنت أولى. قال: وهذا يدل على أنه اسم لا فعل.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰ} (34)

ولما كان هذا غاية الفجور ، وكان أهل الإنسان يحبونه إذا أقبل إليهم{[70325]} لا سيما إذا كان على هذه الحالة عند أغلب الناس ، أخبر بما هو حقيق أن يقال له في موضع " تحية أهله " من التهديد العظيم فقال : { أولى لك } أي {[70326]}أولاك الله{[70327]} ما تكره ، ودخلت اللام للتأكيد الزائد والتخصيص ، وزاد التأكيد بقوله : { فأولى * } أي ابتلاك الله بداهية عقب داهية ، وأبلغ ذلك التأكيد{[70328]} إشارة إلى أنه يستحقه على مدى الأعصار ،


[70325]:من ظ و م، وفي الأصل: عليهم.
[70326]:من ظ و م، وفي الأصل: أولى الله لك.
[70327]:من ظ و م، وفي الأصل: أولى الله لك.
[70328]:من ظ و م، وفي الأصل: التمديد.