محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰ} (34)

{ أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى } أي ويل لك مرة بعد مرة دعاء عليه بأن يليه ما يكرهه ولاء متكررا متضاعفا .

وقيل المعنى بعدا لك فبعدا في أمر دنياك ، وبعدا لك فبعدا في أمر أخراك ، حكاه الرازي عن القاضي ثم قال : قال القفال : هذا يحتمل وجوها : أحدها أنه وعيد مبتدأ من الله للكافر .

والثاني أنه شيء قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعدوه ، يعني أبا جهل فاستنكره عدو الله لعزته عند نفسه فأنزل الله تعالى مثل ذلك .

والثالث أن يكون ذلك أمرا من الله لنبيه بان يقولها لعدو الله فيكون المعنى ثم ذهب إلى أهله يتمطى فقل له يا محمد : أولى لك فأولى أي احذر فقد قرب منك ما لا قبل لك به من المكروه انتهى والأظهر هو الأول .

لطيفة : تفسير { أولى لك فأولى } ب ( ويل لك ) قال الشهاب هو محصل معناه المراد منه فإنه مثله فيرد للدعاء عليه أو للتهديد والوعيد .

وعن الأصمعي أنها تكون للتحسر على أمر فات .

هذا هو المعنى المراد بها وأما الكلام في لفظها فقيل هو فعل ماض دعائي من ( الولى ) واللام مزيدة أي أولاك الله ما تكرهه أو غير مزيدة أي أدنى الهلاك لك ، وقريب منه قول الأصمعي عن معناه قاربه ما يهلكه أن ينزل به واستحسنه ثعلب .

وقيل إنه اسم وزنه ( أفعل ) من الويل فقلب وقيل فعلى ولذا لم ينون ومعناه ما ذكر وألفه للإلحاق لا للتأنيث وعلى الاسمية هو مبتدأ و ( لك ) الخبر وقيل إنه اسم فعل مبني معناه وليك شر بعد شر .

ونقل الزمخشري عن أبي علي أنه علم لمعنى الويل وهو غير منصرف للعلمية ووزن الفعل وقيل عليه إن الويل غير متصرف ومثل ( يوم أيوم ) غير منقاس ولا يفرد عن الموصوف وادعاء القلب من غير دليل لا يسمع وعلم الجنس خارج عن القياس فما ذكر بعيد من وجوه عدة ، وقيل الأحسن أنه أفعل تفضيل خبر لمبتدأ يقدر كما يليق بمقامه فالتقدير هنا النار أولى لك يعني أنت أحق بها وأهل لها انتهى .