تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَوۡلَىٰ لَكَ فَأَوۡلَىٰ} (34)

الآيتان 34و35 : وقوله تعالى : { أولى لك فأولى } { ثم أولى لك فأولى }[ فيه وجهان :

أحدهما : ]{[22836]} جائز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له : قل : { أولى لك فأولى }وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : { أولى لك فأولى } وبين الله تعالى ذلك في كتابه .

وقال أهل التأويل : هذا وعيد على وعيد ؛ كأنه قال : ويل لك فويل ، ثم ويل لك فويل ؛ ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بجميع ثيابه ، وقال له هذا ، فلم يتهيأ لذلك المسكين لأن يدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه ، وكان يفتخر بكثرة أنصاره أنه أعز من يمشي بين الجبلين . والله تعالى بلطفه أذله ، وأهانه ، حتى لم يتهيأ له الحراك مما نزل به ، ولا نفعته قواه وكثرة أتباعه .

وجائز أن يكون قوله : { أولى لك فأولى } أي لأجدر بك أن تنظر في ما جاء[ به ]{[22837]} محمد صلى الله عليه وسلم وفي الذي كان عليه آباؤك ليظهر لك الصواب من الخطإ والحق من الباطل ، فتتبع الصواب من ذلك . فتتجهز به شرف الدنيا والآخرة ، إذ كان يفتخر بشرفه وعزه ؛ فإن أردت أن يدوم لك الشرف ، فالأولى لك أن تنظر إلى ما ذكرنا ، فتبع الصواب من ذلك .

والثاني : أن العرب كانت عادتها أن تقوم بنصر قبيلتها ، وتذب عنها : كانت ظالمة في ذلك أو لم تكن ظالمة في ذلك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان من قبيلة أبي جهل . فلو كان على غير حق عنده كان الأولى به أن ينصره ويعينه على ما عليه عادة العرب ، وإن كان محقا فهو أولى . فترك ما هو أولى من النصر والحماية .


[22836]:ساقطة من الأصل و م.
[22837]:ساقطة من الأصل و م.