تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

11

المفردات :

المخلفون : هم الذين تخلفوا في أهليهم عن صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ، جمع مخلف .

الأعراب : سكان البادية من العرب ، لا واحد له .

فمن يملك لكم : استفهام بمعنى النفي ، أي : لا أحد يملك لكم .

ضرا : ما يضر من هلاك الأهل والمال وضياعهما .

نفعا : ما ينفع من حفظ المال والأهل .

التفسير :

11- { سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا } .

كان حول المدينة أعراب من جهينة ومزينة ، وغفار وأشجع ، والديل وأسلم ، وقد تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج لأداء العمرة ، وظنوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لن ينتصر على قريش ، ومعها ثقيف وكنانة والقبائل المجاورة لمكة ، وهم الأحابيش .

وقالوا : كان أهل مكة يغزونه بالمدينة في عقر داره ، في غزوتي أحد والخندق ، فكيف يذهب إليهم بنفسه ، وما علموا أن لله ملك السماوات والأرض ، وأن بيده الخلق والأمر والنصر ، وأنه على كل شيء قدير .

وفي الآية إعجاز غيبي ، حيث أخبر الله رسوله بما سيقوله الأعراب الذي تخلفوا عن الخروج معه .

ومعنى الآية :

سيقول لك المتخلفون عن الجهاد من الأعراب ، معتذرين عن تخلفهم : انشغلنا برعاية أموالنا وأبنائنا ونسائنا ، فاطلب من الله المغفرة لنا على هذا التقصير عن الجهاد ، وهم لم يقولوا الحقيقة ، ولم يعترفوا بالسبب الحقيقي لتخلفهم ، بل قالوا كلاما فيه نوع من التقية والمداراة ، وعدم إظهار العذر الحقيقي للتخلف .

{ قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا . . . }

أي : ليس الشغل بالأهل والمال والولد عذرا ، فكل المجاهدين لهم أموال وأولاد ، والحقيقة اليقينية هي أن الضر والنفع بيد الله ، وأن الغنى والفقر بيد الله ، والصحة والمرض بيد الله ، فإذا أراد الله بكم ضرا فلا أحد يستطيع أن يدفعه ، وإذا أراد الله بكم خيرا أو نفعا فلا أحد يستطيع أن يمنعه ، ولو استقر الإيمان في قلوبكم لخرجتم للجهاد مع المجاهدين ، وعلمتم أن النفع وحفظ المال والأهل من عند الله ، وأن الضرر لا يدفعه إلا الله .

{ بل كان الله بما تعملون خبيرا } .

بل كان الله مطلعا على قلوبكم ونياتكم ، وسيجازيكم عليها جزاء عادلا .

قال القرطبي :

وهذا رد عليهم حين ظنوا أن التخلف عن الرسول صلى الله عليه وسلم يدفع عنهم الضر ، ويعجل لهم النفع .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ قُلۡ فَمَن يَمۡلِكُ لَكُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيۡـًٔا إِنۡ أَرَادَ بِكُمۡ ضَرًّا أَوۡ أَرَادَ بِكُمۡ نَفۡعَۢاۚ بَلۡ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرَۢا} (11)

{ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ( 11 ) }

سيقول لك -يا محمد- الذين تخلَّفوا من الأعراب عن الخروج معك إلى " مكة " إذا عاتبتهم : شغلتنا أموالنا وأهلونا ، فاسأل ربك أن يغفر لنا تخلُّفنا ، يقولون ذلك بألسنتهم ، ولا حقيقة له في قلوبهم ، قل لهم : فمن يملك لكم من الله شيئًا إن أراد بكم شرًا أو خيرًا ؟ ليس الأمر كما ظن هؤلاء المنافقون أن الله لا يعلم ما انطوت عليه بواطنهم من النفاق ، بل إنه سبحانه كان بما يعملون خبيرًا ، لا يخفى عليه شيء من أعمال خلقه .