تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ} (5)

المفردات :

فويل : الويل : الهلاك والعذاب ، وقيل : اسم لواد في جهنم شديد العذاب .

التفسير :

4 ، 5- فويل للمصلين* الذين هم عن صلاتهم ساهون .

عذاب شديد للمنافقين المتصفين بهذه الأوصاف القبيحة ، وهي عدم الاهتمام بالصلاة ، وأنهم لا يستحضرون قلوبهم وخشوعهم فيها .

قال ابن عباس : هو المصلي الذي إن صلّى لم يرج لها ثوابا ، وإن تركها لم يخش عليها عقاباviii .

أي : إنهم من أهل الصلاة ، ثم هم عنها ساهون ، إما عن فعلها بالكلية ، أو إخراجها عن وقتها .

وقال عطاء بن دينار :

الحمد لله الذي قال : عن صلاتهم ساهون . ولم يقل : في صلاتهم ساهون .

فيؤخرونها إلى آخر الوقت ، أو لا يؤدونها بأركانها وشروطها ، من الخشوع فيها والتدبر لمعانيها ، فاللفظ يشمل ذلك كله ، كما ورد في صحيح البخاري ، وصحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تلك صلاة المنافق ، تلك صلاة المنافق ، يجلس يرقب الشمس ، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا ، لا يذكر الله فيها إلا قليلا )ix .

فالإيمان غير وثيق قلبه ، وذكر الله ضعيف باهت عنده ، ولعل الذي حمله على الصلاة هو الرياء .

قال تعالى : إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا . ( النساء : 142 ) .

قال ابن عباس : يعني المنافقين الذين يصلّون في العلانية ولا يصلون في السرx .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ} (5)

ساهون : غافلون .

الّذين يَغْفُلون عن الصلاة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ} (5)

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن غالب بن تمام الضبي ، حدثنا حرمي بن حفص القسملي ، حدثنا عكرمة بن إبراهيم الأزدي ، حدثنا عبد الكريم بن عمير ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه أنه قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن { الذين هم عن صلاتهم ساهون } قال : إضاعة الوقت " . قال ابن عباس : هم المنافقون يتركون الصلاة إذا غابوا عن الناس ، ويصلونها في العلانية إذا حضروا ، لقوله تعالى :{ الذين هم يراؤون } ، وقال في وصف المنافقين :{ وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس }( النساء- 142 ) . وقال قتادة : ساه عنها ، لا يبالي صلى أم لم يصل . وقيل : لا يرجون لها ثواباً إن صلوا ، ولا يخافون عقاباً إن تركوا . وقال مجاهد : غافلون عنها يتهاونون بها . وقال الحسن : هو الذي إن صلاها صلاها رياءً ، وإن فاتته لم يندم . وقال أبو العالية : لا يصلونها لمواقيتها ، ولا يتمون ركوعها وسجودها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ} (5)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم نعتهم ، فقال : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } يعني لاهون عنها ، حتى يذهب وقتها ، وإن كانوا في خلال ذلك يصلونها . ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلّينَ الّذِين هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ } يقول تعالى ذكره : فالوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم للمنافقين الذين يصلون ، لا يريدون الله عزّ وجلّ بصلاتهم ، وهم في صلاتهم ساهون إذا صلوها .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله : { عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ }؛

فقال بعضهم : عُنِي بذلك أنهم يؤخّرونها عن وقتها ، فلا يصلونها إلا بعد خروج وقتها ...

وقال آخرون : بل عُني بذلك أنهم يتركونها فلا يصلونها ... عن ابن عباس ، في قوله : { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلّينَ الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ } فهم المنافقون كانوا يراؤون الناس بصلاتهم إذا حضروا ، ويتركونها إذا غابوا ، ويمنعونهم العارية بغضا لهم ، وهو الماعون ...

وقال آخرون : بل عُني بذلك أنهم يتهاونون بها ، ويتغافلون عنها ويَلْهُونَ ...

وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب بقوله : "ساهُونَ" : لاهون يتغافلون عنها ، وفي اللهو عنها والتشاغل بغيرها ، تضييعها أحيانا ، وتضييع وقتها أخرى، وإذا كان ذلك كذلك صحّ بذلك قول من قال : عُنِي بذلك ترك وقتها ، وقول من قال : عُنِي به تركها ، لما ذكرت من أن في السهو عنها المعاني التي ذكرت .

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

كأنه قال : فإذا كان الأمر كذلك ، فويل للمصلين الذين يسهون عن الصلاة قلة مبالاة بها ، حتى تفوتهم أو يخرج وقتها ، أو لا يصلونها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف ، ولكن ينقرونها نقراً من غير خشوع وإخبات ، ولا اجتناب لما يكره فيها : من العبث باللحية ، والثياب ، وكثرة التثاؤب ، والالتفات ، لا يدري الواحد منهم عن كم انصرف ، ولا ما قرأ من السور ، وكما ترى صلاة أكثر من ترى الذين عادتهم الرياء بأعمالهم ، ومنع حقوق أموالهم ....

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ الذين هم } أي بضمائرهم وخالص سرائرهم . ولما كان المراد تضييعهم قال : { عن } دون في { صلاتهم } ، أي هي جديرة بأن تضاف إليهم لوجوبها عليهم وإيجابها لأجل مصالحهم ومنافعهم بالتزكية وغيرها . { ساهون } أي عريقون في الغفلة عنها ، وتضييعها ، وعدم المبالاة بها ، وقلة الالتفات إليها ، ويوضح ذلك أن ابن مسعود رضي الله عنه قرأ " لاهون " . وفائدة التعبير بالوصف الدلالة على ثبوته لهم ثبوتاً يوجب أن لا يذكروها من ذات أنفسهم أصلاً ....

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

الذين يؤدون حركات الصلاة ، وينطقون بأدعيتها ، ولكن قلوبهم لا تعيش معها ، ولا تعيش بها ، وأرواحهم لا تستحضر حقيقة الصلاة وحقيقة ما فيها من قراءات ودعوات وتسبيحات .

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

فيكون قوله { الذين هم عن صلاتهم ساهون } ترشيحاً للتهكم الواقع في إطلاق وصف المصلين عليهم . ... وعدي { ساهون } بحرف { عن } لإفادة أنهم تجاوزوا إقامة صلاتهم وتركوها ولا علاقة لهذه الآية بأحكام السهو في الصلاة . ...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

ويلاحظ أنّ الآية لم تقل «في صلاتهم ساهون » ؛ لأنّ السهو في الصلاة يعرض لكلّ فرد ، ولكنّها قالت : «عن صلاتهم ساهون » . فهم يسهون عن الصلاة بأجمعها . واضح أنّ هذه الحالة لو اتفق وقوعها مرّة أو مرات لأمكن أن يكون ذلك عن قصور . لكن الذي يسهو عن صلاته دائماً فهو المهمل لصلاته ، لعدم إيمانه بها ، وإذا صلى أحياناً فلخوف من ألسن النّاس وأمثال ذلك .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ} (5)

{ الذين هم عن صلاتهم ساهون } فروى الضحاك عن ابن عباس قال : هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثوابا ، وإن تركها لم يخش عليها عقابا . وعنه أيضا : الذين يؤخرونها عن أوقاتها . وكذا روى المغيرة عن إبراهيم ، قال : ساهون بإضاعة الوقت . وعن أبي العالية : لا يصلونها لمواقيتها ، ولا يتمون ركوعها ولا سجودها .

قلت : ويدل على هذا قوله تعالى : { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة } [ مريم : 59 ] حسب ما تقدم بيانه في سورة " مريم " {[16470]} عليها السلام . وروي عن إبراهيم أيضا : أنه الذي إذا سجد قام برأسه هكذا ملتفتا . وقال قطرب : هو ألا يقرأ ولا يذكر الله . وفي قراءة عبد الله " الذين هم عن صلاتهم لاهون " . وقال سعد بن أبي وقاص : قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون } - قال - : ( الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، تهاونا بها ) . وعن ابن عباس أيضا : هم المنافقون يتركون الصلاة سرا ، يصلونها علانية { وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى }{[16471]} [ النساء : 142 ] . . الآية . ويدل على أنها في المنافقين قوله : { الذين هم يراؤون } ، وقال ابن وهب عن مالك : قال ابن عباس : ولو قال في صلاتهم ساهون لكانت في المؤمنين . وقال عطاء : الحمد لله الذي قال { عن صلاتهم } ، ولم يقل في صلاتهم . قال الزمخشري : فإن قلت : أي فرق بين قوله : { عن صلاتهم } ، وبين قولك : في صلاتهم ؟ قلت : معنى " عن " أنهم ساهون عنها سهو ترك لها ، وقلة التفات إليها ، وذلك فعل المنافقين ، أو الفسقة الشطار{[16472]} من المسلمين . ومعنى " في " أن السهو يعتريهم فيها ، بوسوسة شيطان ، أو حديث نفس ، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع له السهو في صلاته ، فضلا عن غيره ، ومن ثم أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم . قال ابن العربي : لأن السلامة من السهو محال ، وقد سها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته والصحابة ، وكل من لا يسهو في صلاته ، فذلك رجل لا يتدبرها ، ولا يعقل قراءتها ، وإنما همه في أعدادها ، وهذا رجل يأكل القشور ، ويرمي اللب . وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسهو في صلاته إلا لفكرته في أعظم منها ، اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من يقبل على وسواس الشيطان إذا قال له : اذكر كذا ، اذكر كذا ؛ لما لم يكن يذكر ، حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى .


[16470]:راجع جـ 11 ص 212.
[16471]:آية 142 سورة النساء.
[16472]:في نسخة من الأصل: "الشياطين". والشطار: جمع شاطر، وهو الذي ترك موافقة أهله، وأعياهم لؤما وخبثا.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ} (5)

ولما كان الحكم إنما هو على ذات الموضع من غير اعتبار لوصفه بالفعل علم أن المقصود إنما هو من كان مكلفاً بالصلاة ؛ لأن من كان متلبساً بها مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " ، فلذلك وصفهم بقوله : { الذين هم } أي بضمائرهم وخالص سرائرهم . ولما كان المراد تضييعهم قال : { عن } دون في { صلاتهم } ، أي هي جديرة بأن تضاف إليهم لوجوبها عليهم وإيجابها لأجل مصالحهم ومنافعهم بالتزكية وغيرها . { ساهون * } أي عريقون في الغفلة عنها ، وتضييعها ، وعدم المبالاة بها ، وقلة الالتفات إليها ، ويوضح ذلك أن ابن مسعود رضي الله عنه قرأ " لاهون " . وفائدة التعبير بالوصف الدلالة على ثبوته لهم ثبوتاً يوجب أن لا يذكروها من ذات أنفسهم أصلاً ، ولذلك كشفه بما بعده . روى البغوي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الآية فقال : " هو إضاعة الوقت " . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : هم المنافقون يتركون الصلاة إذا غابوا ، ويصلونها إذا حضروا مع الناس .