تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

{ فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون 44 وأملي لهم إن كيدي متين 45 أن تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون 46 أم عندهم الغيب فهم يكتبون 47 فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم 48 لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم 49 فاجتباه ربه فجعله من الصالحين 50 وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون 51 وما هو إلا ذكر للعالمين 52 }

المفردات :

فذرني ومن يكذّب : أي كله إليّ فإني أكفيكه .

سنستدرجهم : يقال : استدرجه إلى كذا ، إذا استنزله إليه درجة حتى يورّطه فيه .

التفسير :

39- فذرني ومن يكذّب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون .

يأتي أسلوب التهديد والوعيد لهؤلاء المشركين المكذبين .

أي : خلّني وإياه ، وكله إلي لأجازيه بعمله ، وقيل : ذرني ، أي لا تشغل قلبك به ، ودعني وإياه فإني مجازيه ومكافئه ، وهو بمعنى الأوّل ، والعرب تقول مثل هذا القول ، وإن لم يكن هناك أحد يمنعه منه .

سنستدرجهم من حيث لا يعلمون .

الاستدراج في كلام العرب هو الأخذ قليلا قليلا ، و منه : درج الصبيّ ، إذا مشى قليلا قليلا .

وقال سفيان الثوري : الاستدراج هو إسباغ النّعم ، ومنع الشكر .

وقيل : هو أنه كلما جدد ذنبا ، جد الله له نعمة .

وعن عقبة بن مسلم قال : إذا كان العبد على معصية الله ، ثم أعطاه ما يحب ، فليعلم أنه في استدراج .

وعن الحسن البصري قال : كم من مستدرج بحسن الثناء عليه ، ومغرور بستر الله عليه .

وقيل : سنستدرجهم . أي : نمكر بهم من حيث لا يعلمونxii .

وجاء في تفسير البغوي ما يأتي :

فذرني ومن يكذب بهذا الحديث . . .

أي : فدعني والمكذبين بالقرآن ، وخلّ بيني وبينهم .

قال الزجاج : لا تشغل قلبك بهم ، كلهم إليّ فإني أكفيكهم ، ومثله : ذرني ومن خلقت وحيدا . ( المدثر : 11 ) .

ومعناه في اللغة : لا تشغل قلبك به ، وكله إليّ فإني أجازيه ، ومثله قول الرجل : ذرني وإياه ، ليس أنه منعه منه ، ولكن تأويله : كله إلي فإني أكفيك أمرهxiii .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

ذرني ومن يكذّب . . . . : كِلْه إليّ واتركه لي ، فإني أكفيك أمره .

بهذا الحديث : بهذا القرآن .

سنستدرجهم : سننتقل بهم من حال إلى حال .

اترك يا محمد من يكذّب بالقرآن لي ، فإني عالم بما ينبغي أن أفعلَ بهم . . . . سنُدْنِيهم من العذابِ درجةً بعد درجة فتزدادُ معاصيهم من حيث لا يشعرون .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

{ فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } أي فدعني والمكذبين بالقرآن ، وخل بيني وبينهم . قال الزجاج : معناه لا تشغل قلبك به ، وكله إلي فإني أكفيك أمره ، { سنستدرجهم } سنأخذهم بالعذاب ، { من حيث لا يعلمون } فعذبوا يوم بدر .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

{ فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } دعني والمكذبين بهذا القرآن أي كلهم الي ولا تشغل قلبك بهم فاني أكفيك أمرهم { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } أي نأخذهم قليلا قليلا ولا نباغتهم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

قوله تعالى : " فذرني " أي دعني . " ومن يكذب " " من " مفعول معه أو معطوف على ضمير المتكلم . " بهذا الحديث " يعني القرآن ، قاله السدي . وقيل : يوم القيامة . وهذا تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي فأنا أجازيهم وأنتقم منهم . " سنستدرجهم من حيث لا يعلمون " معناه سنأخذهم على غفلة وهم لا يعرفون ، فعذبوا يوم بدر . وقال سفيان الثوري : نسبغ عليهم النعم وننسيهم الشكر . وقال الحسن : كم مستدرج بالإحسان إليه ، وكم مفتون بالثناء عليه ، وكم مغرور بالستر عليه . وقال أبو رَوْق : أي كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار . وقال ابن عباس : سنمكر بهم . وقيل : هو أن نأخذهم قليلا ولا نباغتهم . وفي حديث ( أن رجلا من بني إسرائيل قال يا رب كم أعصيك وأنت لا تعاقبني - قال - فأوحى الله إلى نبي زمانهم أن قل له كم من عقوبة لي عليك وأنت لا تشعر ، إن جمود عينيك وقساوة قلبك استدراج مني وعقوبة لو عقلت ) . والاستدراج : ترك المعاجلة . وأصله النقل من حال إلى حال كالتدرج . ومنه قيل درجة ، وهي منزلة بعد منزلة . واستدرج فلان فلانا ، أي استخرج ما عنده قليلا . ويقال : درجه إلى كذا واستدرجه بمعنى ، أي أدناه منه على التدريج فتدرج هو .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (44)

ولما علم بهذا {[67695]}أنه سبحانه{[67696]} المتصرف وحده بما يشاء{[67697]} كيف يشاء من المنع والتمكين ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجد من تكذيبهم له - مع إتيانه بما لا يحتمل التكذيب بوجه - من المشقة ما لا يعلم مقداره إلا الله سبحانه وتعالى ، وكان علم المغموم{[67698]} بأن له منقذاً يخفف عنه ، وكان علمه باقتداره على ما يراد منه{[67699]} أقر لعينه سبب عن كمال اقتداره قوله مخففاً عنه عليه أفضل الصلاة والسلام ، لافتاً القول إلى التكلم بالإفراد تنصيصاً على المراد زيادة في{[67700]} تسكين القلب وشرح الصدر{[67701]} : { فذرني } أي اتركني على أي حالة اتفقت { ومن يكذب } أي يوقع التكذيب لمن يتلو ما جددت إنزاله من كلامي القديم على أي حالة كان إيقاعه ، وأفرد الضمير نصاً{[67702]} على تهديد كل واحد من المكذبين : { بهذا الحديث } أي بسببه{[67703]} أي خل بيني وبينهم وكل أمرهم إليَّ ولا تكترث بشيء منه أصلاً فإني أكفيكهم لأنه لا{[67704]} مانع منهم فلا تهتم بهم{[67705]} أصلاً .

ولما كان كأنه قيل : وماذا تعمل فيه{[67706]} إذا خليت بينك وبينه{[67707]} ؟ أجابه بقوله جامعاً الضمير ليكون الواحد مهدداً من باب الأولى : { سنستدرجهم } أي فنأخذهم بعظمتنا {[67708]}عما قليل{[67709]} على غرة بوعد لا خلف فيه {[67710]}وندنيهم{[67711]} إلى الهلاك درجة درجة بواسطة من شئنا من جنودنا وبغير واسطة بما نواتر عليهم من النعم التي توجب عليهم{[67712]} الشكر فيجعلونها سبباً لزيادة الكفر فنوجب{[67713]} لهم النقم . ولما كان أخذ الإنسان من مأمنه على حالة غفلة بتوريطه في أسباب الهلاك لا يحس بالهلاك إلا وهو لا يقدر على التقصي فيها بوجه قال تعالى : { من حيث } أي من جهات { لا يعلمون * } أي لا يتجدد لهم علم ما في وقت من الأوقات بغوائلها{[67714]} ، وذلك أنه سبحانه يغرهم بالإمهال ولا يعاجلهم بالعقاب في وقت{[67715]} المخالفة كما يتفق لمن يراد به الخير فيستيقظ بل يمهلهم ويمدهم بالنعم حتى يزول عنهم خاطر التذكر فيكونوا منعمين في الظاهر مستدرجين في الحقيقة فيقولون : قد قلتم : إن القدر فائض عن القضاء وأن الأعمال قضاء{[67716]} وجزاءها قدر ، ويقولون : إن أفعالنا في الدنيا قبيبحة ونحن لا نرى جزاءها إلا ما يسرنا لولا يعذبنا الله بما نقول{[67717]} فأنتم كاذبون في توعدنا فإنا كلما أحدثنا ما تسمونه معصية تجددت لنا نعمة ، وذلك كما قادهم إلى تدريجهم وهم في غاية الرغبة{[67718]} ، قال القشيري : والاستدراج أن يريد السيىء ويطوي عن صاحبه وجه القصد حتى يأخذه بغتة فيدرج إليه شيئاً بعد شيء .


[67695]:- من ظ وم، وفي الأصل: سبحانه إنه.
[67696]:- من ظ وم، وفي الأصل: سبحانه إنه.
[67697]:- زيد في الأصل: أن من، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67698]:- من م، وفي الأصل وظ: المعلوم.
[67699]:- زيد في الأصل، أو خرب، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67700]:- من ظ وم، وفي الأصل: على.
[67701]:- من ظ وم وفي الأصل: الصدور.
[67702]:- في الأصل بياض ملأناه من ظ وم.
[67703]:-من ظ وم، وفي الأصل: سبب.
[67704]:- زيد من ظ وم.
[67705]:- من ظ وم، وفي الأصل: به.
[67706]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيهم.
[67707]:- من ظ وم، وفي الأصل: بينهم.
[67708]:- من ظ وم، وفي الأصل: قليل بعظمتنا.
[67709]:- من ظ وم، وفي الأصل: قليل بعظمتنا.
[67710]:- من م، وفي الأصل وظ: فنذيهم.
[67711]:- من م، وفي الأصل وظ: فنذيهم.
[67712]:- زيد من ظ وم.
[67713]:- من ظ وم، وفي الأصل: فأوجب ذلك.
[67714]:- من ظ وم، وفي الأصل: بفائها.
[67715]:-العبارة من "في وقت" إلى هنا تكرر في الأصل فقط.
[67716]:- زيد من ظ وم.
[67717]:- زيد في الأصل: حسبهم فهم، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67718]:- زيد في الأصل: انتهى، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.