تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

المفردات :

مقاليد السماوات والأرض : مفاتيح خزائنهما ، ومن يملك المفاتيح يملك الخزائن .

التفسير :

12– { له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم } .

المقاليد جمع مقلاد ، وهو المفتاح ، أي : بيد الله مفاتيح خزائن السماوات والأرض من الرزق والهداية والمعونة .

{ إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } . ( الذاريات : 58 ) . وهو يوسع على من يشاء ، ويضيق على من يشاء حسب علمه وحكمته ، فيجب أن نتجه إليه نحوه وحده لا إلى الأوثان وغيرها .

قال تعالى : { إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا } . ( الإسراء : 30 ) .

وقال سبحانه : { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير } . ( الشورى : 27 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

مقاليد ، واحدها مقلاد ومقليد : مفاتيح .

يبسط الرزق : يوسعه .

ويقدر : يضيّقه .

وبيده مفاتيحُ خزائن السموات والأرض .

{ يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ }

يوسع الرزقَ لمن يشاء ويضيّقه على من يشاء .

{ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

لا يخفى عليه شيء ، فيفعل كلَّ ذلك على مقتضى حكمته الكاملة ، وقدرته الواسعة ، وعلمه المحيط .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

ولما قرر أمر الوحي بما ثبت به من الإعجاز ، وأراهم الآيات في الآفاق ، بأن له ما في الوجود ، وأنه هو الذي فطره ، وكان ربما كان للإنسان شيء ولم يكن كامل التصرف فيه بأن يكون مفاتيح خزائنه مع غيره من شريك أو غيره ، وكان ربما اخترع الإنسان بناء وكان لغيره ، أخبر إكمالاً لتنزيه الآية السالفة وشرحاً له أنه تعالى ليس كمثله شيء وليس كغيره في هذا أيضاً بل كما أن له ما في الخافقين وهو مخترعهما فله مفاتيح خزائنهما ، فقال : { له } أي وحده { مقاليد السماوات والأرض } أي خزائنهما ومفاتيح خزائنهما من الأمطار والأنبات وغيرهما وقد ثبت أنه ابتدعهما ، وأن له جميع ما فيهما مما اتخذ من دونه ولياً وغيره ، قال القشيري : والمفاتيح الخزائن وخزائنه مقدوراته - انتهى . ولما كان قد حصر الأمر فيه دل عليه بقوله : { يبسط الرزق } أي الذي فيهما ولا مانع منه إلا قدرته { لمن يشاء } أي أن يبسطه له { ويقدر } أي يضيق ويقبض على من يشاء كما وسع على فارس والروم وضيق على العرب وفاوت في الأفراد ، بين أفراد من وسع عليهم ومن ضيق عليهم ، فدل ذلك قطعاً على أنه لا شريك له وأنه هو المتصرف وحده فقطع بذلك أفكار الموفقين من عباده غن غيره ليقبلوا عليه ويتفرغوا له ، فإن عبادته هي المقاليد بالحقيقة{ استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال }[ الآية 12 : نوح ] { ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار }[ الطلاق : 11 ] { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض }[ الأعراف : 96 ] { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم }{ ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل }[ الآية 66 : المائدة ] .

ولما كان كأنه قيل : لم فعل ذلك ؟ علله بقوله مؤكداً لأن أعمال غالب الناس في المعاصي عمل من يظن أنه سبحانه يخفى عليه عمله : { إنه بكل شيء عليم * } فلا فعل له إلا وهو جار على أتقن ما يكون من قوانين الحكمة ، فلو أنه وسع العرب وقواهم ثم أباحهم ملك أهل فارس والروم لقبل بقوتهم ومكنتهم ، وله في كل شيء دق أو جل من الحكم ما يعجز عن إدراك لطائفه أفاضل الأمم .