تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الفجر

( سورة الفجر مكية ، وآياتها 30 آية ، نزلت بعد سورة الليل )

وتبدأ السورة بالقسم فتقسم بالفجر ، وبالليالي العشر ، وبالشفع والوتر ، على أن الإسلام حق ، وأن البعث والحساب حق ، وقد ضربت أمثلة بمن أهلكه الله من المعاندين كعاد وثمود ، وذكرت تصورات الإنسان غير الإيمانية ، وسوء فهمه لاختبار الله له بهذه النعم ، ثم ردت على هذه التصورات ببيان الحقيقة التي تتبع منها هذه التصورات الخاطئة ، وهي الجحود والأثرة وحب المال والمتعة .

ثم وصفت مشهدا عنيفا مخيفا من مشاهد الآخرة ، وفيه يظهر جلال الله ، وتظهر الملائكة للحساب ، وتظهر جهنم أمام العصاة ، وفي الختام نداء ندي رخي للنفس المطمئنة بأن تعود إلى رضوان الله وجنته .

ومن هذا الاستعراض السريع تبدو الألوان المتعددة في مشاهد السورة ، كما يبدو تعدد نظام الفواصل ، وتغير حروف القوافي ، بحسب تنوع المعاني والمشاهد :

فالآيات من ( 1-5 ) تنتهي بحرف الراء مثل : والفجر* وليال عشر .

والآيات من ( 6-14 ) تنتهي بحرف الدال مثل : ألم تر كيف فعل ربك بعاد .

والآيتان ( 15 ، 16 ) تنتهي بحرف النون ، والآيات الباقية متنوعة فيها الميم والتاء والهاء .

ومجموع فواصل آياتها ( هاروت ندم ) .

والقسم الأول من السورة فيه نداوة الفجر وجماله ، وفضل الليالي العشر ، وثواب الشفع والوتر من الصلاة .

والقسم الثاني ينتهي بالدال ، وفيه بيان القوة في الانتقام من الظالمين .

وقد ذكر الفيروزبادي أن معظم مقصود السورة ما يأتي :

تشريف العيد وعرفة ، وعشر المحرم ، والإشارة إلى هلاك عاد وثمود وأضرابهما ، وتفاوت حال الإنسان في النعمة ، وحرصه على جمع الدنيا والمال الكثير ، وبيان حال الأرض في القيامة ، ومجيء الملائكة ، وتأسف الإنسان يومئذ على التقصير والعصيان ، وأن مرجع العبد عند الموت إلى الرحمان والرضوان ونعيم الجنان .

مع آيات السورة

1- أقسم الله سبحانه وتعالى بالفجر ، وهو الوقت الذي يدبر فيه الليل ، ويتنفس الصباح في يسر وفرح وابتسام ، وإيناس ودود نديّ ، ويستيقظ الوجود رويدا رويدا .

2- وليال عشر . قيل : هي العشر الأوائل من المحرم ، وقيل : العشر الأواخر من رمضان وفيها ليلة القدر ، ويقل : هي العشر الأوائل من ذي الحجة وفيها يوم عرفة وعيد الأضحى .

3- والشّفع والوتر . أي : الزوج والفرد من الأعداد ، والشفع والوتر من الصلاة ، أو أيام التشريق وفيها رمي الجمار بمنى ، فمن شاء رمى في يومين ومن شاء مكث ثلاثة أيام .

واليومان شفع ، والثلاثة وتر ، قال تعالى : فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه . . . ( البقرة : 202 ) .

4- والليل إذا يسر . أي : يسري فيه ، كما يقال : ليل نائم ، أي ينام فيه ، وقيل : معنى والليل إذا يسر . أي : ينصرم وينقضي مسافرا بعيدا ، ويسري راحلا ، وأصله : يسري ، فحذفت الياء لدلالة الكسرة عليها في الوصل ، وحذفت الياء مع الكسرة في الوقف .

5- هل في ذلك قسم لذي حجر . أي : هل فيما أقسمت به من جمال الفجر ، وجلال الأيام العشر ، وثواب الشفع والوتر ، ولطف الليل إذا يسر ، مقنع لذي لب وعقل ، وسمى العقل حجرا لأنه يمنع صاحبه عن الشر ، ويحجره عما لا يليق .

6-8- ألم تعلم يا محمد ، أو ألم تعلم أيها المخاطب ، كيف فعل ربك بعاد ، وهم الذين أرسل إليهم هود عليه السلام فكذّبوه ، ومن قبيلة عاد ( إرم ) وكانوا طوال الأجسام ، أقوياء الشكيمة ، يقطنون ما بين عمان وحضرموت واليمن ، وكانوا بدوا ذوي خيام تقوم على عماد ، وقد وصفوا في القرآن بالقوة والبطش ، فقد كانت قبيلة عاد هي أقوى قبيلة في وقتها وأميزها : التي لم يخلق مثلها في البلاد . في ذلك الأوان .

9- وثمود الذين جابوا الصّخر بالواد . وكانت ثمود تسكن بالحجر ، في شمال الجزيرة العربية بين المدينة والشام ، وقد قطعت الضخر وشيدته قصورا ، كما نحتت في الجبال ملاجئ ومغارات .

10- وفرعون . وهو حاكم مصر في عهد موسى عليه السلام ، وهو صاحب المباني العظيمة والهياكل الضخمة ، التي تعطي شكل الأوتاد المقلوبة ، وقيل : الأوتاد تعني القوة والملك الثابت ، لأن الوتد هو ما تشد إليه الخيام لتثبيتها ، واستعمل هنا مجازا إشارة إلى بطشه وحكمه الوطيد الأركان .

وقد جمع الله في هذه الآيات القصار مصارع أقوى الجبارين الذين عرفهم التاريخ .

11-14- الذين طغوا في البلاد* فأكثروا فيها الفساد . أي : هؤلاء الذين سلف ذكرهم ، من عاد وثمود وفرعون وجنده ، جميعا تجاوزوا الحد وكفروا بنعمة الله عليهم ، وأكثروا في البلاد الفساد وارتكاب المعاصي ، فكفروا وقتلوا وظلموا ، فأنزل الله عليهم العذاب بشدة مع توالي ضرباته .

وقد شبه الله تعالى ما يصبه عليهم من ضروب العذاب بالسوط ، من قبل أن السوط يضرب به في العقوبات ، وما وقع بهم من ألوان العذاب كان عقوبة لأنواع الظلم والفساد . إن الله سبحانه وتعالى يرى ويحسب ويحاسب ، ويجازي وفق ميزان دقيق لا يخطئ ولا يظلم ، وقد سجل الله عليهم أعمالهم كما يسجل الراصد الذي يرقب فلا يفوته شيء .

15 ، 16- إن الإنسان إذا اختبره الله سبحانه وتعالى فوسّع عليه في الرزق ، وبسط له في النعمة ، ظن غرورا أن الله راض عنه ، وتخيل أنه لن يحاسبه على ظلمه وأفعاله .

وإذا امتحنه بالفقر فضيّق عليه رزقه وقتّره ، فلم يوسع عليه ، فيقول : إن ربي أذلني بالفقر ، ولم يشكر الله على ما وهبه له من سلامة الجوارح ، وما رزقه من الصحة والعافية .

قال الإمام محمد عبده :

وأنت ترى أن أحوال الناس إلى اليوم لا تزال كما ذكر الله في هذه الآية الكريمة ، فإن أرباب السلطة والقوة يظنون أنهم في أمن من عقاب الله ، ولا يعرفون شيئا من شرعه يمنعهم من عمل ما تسوق إليه شهواتهم ، وإنما يذكرون الله بألسنتهم ، ولا تتأثر قلوبهم بهذا الذكر .

وقريب من هذه المعاني قوله تعالى : إن الإنسان خلق هلوعا* إذا مسّه الشر جزوعا* وإذا مسّه الخير منوعا* إلا المصلين . ( المعارج : 19-22 ) .

( تعلم أن المخاطبين بهذه الآيات كانوا يزعمون أنهم على شيء من دين إبراهيم ، أو أنهم كانوا يدّعون أن لهم دينا يأمرهم وينهاهم ، ويقربهم إلى الله زلفى ، فإذا سمعوا هذا التهديد وذلك الوعيد ، وسوست لهم نفوسهم بأن هذا الكلام إنما ينطبق على أناس ممن سواهم ، أما هم فلو يزالوا من الشاكرين الذاكرين غير الغافلين )i ، فالله يرد عليهم زعمهم ويقيم لهم دليلا واضحا على كذب ما تحدثهم به نفوسهم ، ويقول :

17- كلاّ بل لا تكرمون اليتيم . أي : لو كان غنيهم لم يعمه الطغيان ، وفقيركم لم يطمس بصيرته الهوان ، لأحسستم باليتيم الذي فقد أباه ، فواسيتموه وعطفتم عليه حتى ينشأ كريم النفس .

18- ولا تحاضّون على طعام المسكين . وقد كان مجتمع مكة مجتمع التكالب على جمع المال بجميع الطرق ، فورثت القلوب القسوة والبخل ، وانصرفت عن رحمة اليتيم ، وعن التعاون على رحمة المسكين .

19- وتأكلون التّراث أكلا لمّا . والتراث هو الميراث الذي يتركه من يتوفى ، أي أنكم تشتدون في أكل الميراث حتى تحرموا صاحب الحق من حقه .

20- وتحبّون المال حبّا جمّا . وتميلون إلى جمع المال ميلا شديدا ، يصل إلى حد الشراهة .

وخلاصة ذلك :

أنتم تؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ، إذ لو كنتم ممن غلب عليهم حب الآخرة لانصرفتم عما يترك الموتى ميراثا لأيتامهم ، ولكنهكم تشاركونهم فيه ، وتأخذون شيئا لا كسب لكم فيه ، ولا مدخل لكم في تحصيله وجمعه ، ولو كنتم ممن أرادوا الآخرة لما ضربت نفوسكم على المال ، تأخذونه من حيث وجدتموه من حلال أو من حرام ، فهذه أدلة ترشد إلى أنكم لستم على ما ادعيتم من صلاح وإصلاح ، وأنكم على ملة إبراهيم خليل الرحمانii .

21-24- كلاّ إذا دكّت الأرض دكّا دكّا . ودكّ الأرض تحطيم معالمها وتسويتها ، وهو أحد الانقلابات الكونية التي تقع في يوم القيامة .

يردعهم الله سبحانه وتعالى عن مقالتهم وفعلهم ، وينذرهم أهوال القيامة إذا دكت القيامة إذا دكت الأرض وأصبحت هباء منبثا ، وزلزلت زلزالا شديدا ، وتجلت عظمة الله ، ونزلت ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف ، بحسب منازلهم ومراتبهم ، وكشفت جهنم للناظرين ، بعد أن كانت غائبة عنهم .

قال تعالى : وبرّزت الجحيم لمن يرى . ( النازعات : 36 ) .

حينئذ تذهب الغفلة ، ويندم الإنسان على ما فرط في حياته الدنيا ، ويتذكر معاصيه ، ويتمنى أن يكون قد عمل صالحا في دنياه لينفعه في حياته الآخرة التي هي الحياة الحقيقية .

( وترى من خلال هذه الآيات مشهدا ترتجف له القلوب وتخشع لها لأبصار ، والأرض تدك دكا ، والجبار المتكبر يتجلى ويتولى الحكم والفصل ، وتقف الملائكة صفا صفا ، ثم يجاء بجهنم فتقف متأهبة هي الأخرى )iii .

وتتبع الحسرة والذكرى الأليمة من فرّط في حقوق الله ، فيتذكر بعد فوات الأوان ، ويتمنى أن يكون قد عمل الصالحات .

25 ، 26- فيومئذ لا يعذّب عذابه أحد* ولا يوثق وثاقه أحد . الوثاق : الشد بالأغلال .

في هذا اليوم العصيب نرى لونا متفردا من ألوان العذاب ، لقد كان الجبارون يملكون أن يعذبوا من خالفهم في الدنيا ، لكن العذاب اليوم في الآخرة لا يملكه إلا الله ، وهو سبحانه القهار الجبار الذي يعذب يومئذ عذابه الفذ الذي لا يملك مثله أحد ، والذي يوثق وثاقه الفذ ، ويشد المجرمين بالأغلال شدا لا يملك مثله أحد .

وعذاب الله ووثاقه يفصّلهما القرآن في مواضع أخرى ، وفي مشاهد كثيرة ، ولكنه يجملهما هنا ، حيث يصفهما بالتفرد بلا شبيه من عذاب الخلق جميعا ووثاقهم ، وكأن الآية تشير إلى ظلم عاد وثمود وفرعون ذي الأوتاد ، وتنبه إلى أن عذاب الطغاة ووثاقهم للناس مهما اشتد في الدنيا ، فسوف يعذب الطغاة ويوثقون عذابا ووثاقا وراء التصورات والظنون .

وفي وسط هذا الهول المروّع ، وهذا العذاب والوثاق الذي يتجاوز كل تصوّر ، تنادى النفس المؤمنة من الملأ الأعلى :

27-30- يا أيتها النفس المطمئنة* ارجعي إلى ربك راضية مرضيّة* فادخلي في عبادي* وادخلي جنتي .

ينادي الله سبحانه النفس الثابتة على الحق ، أن تعود إلى جوار الله ، راضية عن سعيها ، مرضيا عنها ، فتدخل مع العباد الصالحين ، ومع الرفقة المؤمنين ، حيث يدخلون جميعا جنة الله في تكريم ورضوان .

وفي هذا النداء الرضى ما يمسح آلام هذه النفس ، وما يشعرها بالغبطة مع عباد الله ، وجنة الله ورضوانه ، فنعم الجزاء ، ونعم الثواب وحسنت مرتفقا .

خلاصة أهداف السورة

تشتمل سورة الفجر على الأهداف والمقاصد الآتية :

1- القسم على أن عذاب الكافرين واقع لا محالة .

2- ضرب المثل بالأمم البائدة كعاد وثمود .

3- كثرة النعم على إنسان ليست دليلا على إكرام الله له ، والبلاء ليس دليلا على إهانته وخذلانه .

4- وصف يوم القيامة وما فيه من أهوال .

5- تمني الأشقياء العودة إلى الدنيا .

6- كرامة النفوس الراضية المرضية وما تلقاه من النعيم بجوار ربها .

التذكير بهلاك الظالمين .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والفجر 1 وليال عشر 2 والشّفع والوتر 3 والليل إذا يسر 4 هل في ذلك قسم لذي حجر 5 ألم تر كيف فعل ربك بعاد 6 إرم ذات العماد 7 التي لم يخلق مثلها في البلاد 8 وثمود الذين جابوا الصّخر بالواد 9 وفرعون ذي الأوتاد 10 الذين طغوا في البلاد 11 فأكثروا فيها الفساد 12 فصبّ عليهم ربك سوط عذاب 13 إنّ ربك لبالمرصاد 14 }

المفردات :

والفجر : أقسم الله تعالى بوقت الفجر أو بصلاة الفجر .

1

التفسير :

1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5- والفجر* وليال عشر* والشّفع والوتر* والليل إذا يسر* هل في ذلك قسم لذي حجر .

أقسم الله تعالى بالفجر ، وهو ذلك الوقت النّديّ الذي تنتهي عنده شدة الظلام ، ويظهر الفجر الصادق ، وهو النور المعترض في الأفق .

قال تعالى : والليل إذ أدبر* والصبح إذا أسفر*إنها لإحدى الكبر . ( المدثر : 33-35 ) .

وقيل : أقسم الله بصلاة الفجر ، وفيها تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار .

قال صلى الله عليه وسلم : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وفي صلاة العصر ، اقرأوا إن شئتم قول الله تعالى : وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا . iv ( الإسراء : 78 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفجر مكية وآياتها ثلاثون ، نزلت بعد سورة الليل ، وهي في عمومها حلقة من حلقات هذا الجزء . والسور المكية تشدّد على إيقاظ الضمير البشري وحثه على الإيمان والتقوى والتدبر . وقد تحدثت " الفجر " عن أمور ثلاثة رئيسية هي : قصص بعض الأمم المكذبين لرسل الله ، كقوم عاد وثمود وقوم فرعون ، وبيان ما حل بهم من العذاب والدمار بسبب طغيانهم .

وعن بيان سنة الله في ابتلاء العباد في هذه الحياة بالخير والشر ، والغنى والفقر ، وطبيعة الإنسان في حبه الشديد للمال .

وعن ذكر الآخرة وأهوالها وشدائدها ، وأن الناس في ذلك اليوم بين سعداء وأشقياء ، ومآل كل منهم . وتُختم السورة بالإشارة إلى ما يكون من ندم المفرّطين ، وتمنيهم أن لو قدموا من الصالحات ما ينجيهم من هذا العذاب الأليم ، وإلى ما يكون من إيناس النفس المطمئنة ودعوتها إلى الدخول مع المكرمين من عباد الله في جنات عدن .

الفجر : ضوء الصبح بعد ذهاب الليل .

يقسِم الله تعالى بالفجر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الفجر وهي مكية

{ 1 - 5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ }

الظاهر أن المقسم به ، هو المقسم عليه ، وذلك جائز مستعمل ، إذا كان أمرًا ظاهرًا مهمًا ، وهو كذلك في هذا الموضع .

فأقسم تعالى بالفجر ، الذي هو آخر الليل ومقدمة النهار ، لما في إدبار الليل وإقبال النهار ، من الآيات الدالة على كمال قدرة الله تعالى ، وأنه وحده المدبر{[1424]} لجميع الأمور ، الذي لا تنبغي العبادة إلا له ، ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة ، يحسن أن يقسم الله بها .


[1424]:- في ب: وأنه تعالى هو المدبر.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

سورة الفجر مكية .

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

قال النسائي : أخبرنا عبد الوهاب بن الحكم ، أخبرني يحيى بن سعيد ، عن سليمان ، عن محارب بن دِثار وأبي صالح ، عن جابر قال : صلى معاذ صلاةً ، فجاء رجل فصلى معه فطَول ، فصلى في ناحية المسجد ثم انصرف ، فبلغ ذلك معاذا فقال : منافق . فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل الفتى ، فقال : يا رسول الله ، جئت أصلي معه فَطَوّل عَلَيّ ، فانصرفت وصليتُ في ناحية المسجد ، فعلفت ناضحي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفَتَّان يا معاذ ؟ أين أنت مِن { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى } { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا } { وَالْفَجْرِ } { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى } .

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هذه السورة في عمومها حلقة من حلقات هذا الجزء في الهتاف بالقلب البشري إلى الإيمان والتقوى واليقظة والتدبر . . ولكنها تتضمن ألوانا شتى من الجولات والإيقاعات والظلال . ألوانا متنوعة تؤلف من تفرقها وتناسقها لحنا واحدا متعدد النغمات موحد الإيقاع !

في بعض مشاهدها جمال هادئ رفيق ندي السمات والإيقاعات ، كهذا المطلع الندي بمشاهده الكونية الرقيقة ، وبظل العبادة والصلاة في ثنايا تلك المشاهد . . " والفجر . وليال عشر . والشفع والوتر . والليل إذا يسر " . . .

وفي بعض مشاهدها شد وقصف . سواء مناظرها أو موسيقاها كهذا المشهد العنيف المخيف : " كلا . إذا دكت الأرض دكا دكا . وجاء ربك والملك صفا صفا . وجيء يومئذ بجهنم . يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى . يقول : يا ليتني قدمت لحياتي . فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد " . .

وفي بعض مشاهدها نداوة ورقة ورضى يفيض وطمأنينة . تتناسق فيها المناظر والأنغام ، كهذا الختام : " يا أيتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية . فادخلي في عبادي وادخلي جنتي " . .

وفيها إشارات سريعة لمصارع الغابرين المتجبرين ، وإيقاعها بين بين . بين إيقاع القصص الرخي وإيقاع المصرع القوي : " ألم تر كيف فعل ربك بعاد . إرم ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد . وثمود الذين جابوا الصخر بالواد . وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد . فصب عليهم ربك سوط عذاب . إن ربك لبالمرصاد " .

وفيها بيان لتصورات الإنسان غير الإيمانية وقيمه غير الإيمانية . وهي ذات لون خاص في السورة تعبيرا وإيقاعا : " فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول : ربي أكرمن . وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول : ربي أهانن " . . .

ثم الرد على هذه التصورات ببيان حقيقة حالهم التي تنبع منها هذه التصورات . وهي تشمل لونين من ألوان العبارة والتنغيم : " كلا . بل لا تكرمون اليتيم . ولا تحاضون على طعام المسكين . وتأكلون التراث أكلا لما ، وتحبون المال حبا جما " . .

ويلاحظ أن هذا اللون الأخير هو قنطرة بين تقرير حالهم وما ينتظرهم في مآلهم . فقد جاء بعده : " كلا إذا دكت الأرض دكا دكا " . . الخ . . فهو وسط في شدة التنغيم بين التقرير الأول والتهديد الأخير !

ومن هذا الاستعراض السريع تبدو الألوان المتعددة في مشاهد السورة . وإيقاعاتها في تعبيرها وفي تنغيمها . . كما يبدو تعدد نظام الفواصل وتغير حروف القوافي . بحسب تنوع المعاني والمشاهد . فالسورة من هذا الجانب نموذج واف لهذا الأفق من التناسق الجمالي في التعبير القرآني . فوق ما فيها عموما من جمال ملحوظ مأنوس !

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أغراضها: حوت من الأغراض ضرب المثل لمشركي أهل مكة في إعراضهم عن قبول رسالة ربهم بمثل عاد وثمود وقوم فرعون . وإنذارهم بعذاب الآخرة . وتثبيت النبي صلى الله عليه وسلم مع وعده باضمحلال أعدائه . وإبطال غرور المشركين من أهل مكة إذ يحسبون أن ما هم فيه من النعيم علامة على أن الله أكرمهم وأن ما فيه المؤمنون من الخصاصة علامة على أن الله أهانهم . وأنهم أضاعوا شكر الله على النعمة فلم يواسوا ببعضها على الضعفاء وما زادتهم إلا حرصا على التكثر منها . وأنهم يندمون يوم القيامة على أن لم يقدموا لأنفسهم من الأعمال ما ينتفعون به يوم لا ينفع نفس مالها ولا ينفعها إلا إيمانها وتصديقها بوعد ربها . وذلك ينفع المؤمنين بمصيرهم إلى الجنة ....

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

تحتوي السورة تذكيراً بعذاب الله الذي حل بالطغاة المتمردين من الأمم السابقة كعاد وثمود وفرعون وإنذارا لأمثالهم ، وتنديداً بحب المال والاستغراق فيه ، واستباحة البغي والظلم في سبيله ، وعدم البر باليتيم والمسكين ، ودحضا لظن أن اليسر والعسر في الرزق اختصاص من الله بقصد التكريم والإهانة . وفيها تصوير مشهد ما يكون من مصير البغاة يوم القيامة وحسرتهم ، وتنويه بالمؤمنين ذوي النفوس المطمئنة وبشرى لهم برضاء الله وجنته . وأسلوب السورة عام العرض والتوجيه مما يدل على تبكيرها بالنزول ، وفصولها وآياتها منسجمة مما يدل على نزول جملة واحدة أو متتابعة . ...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

محتوى السّورة:

كبقية السور المكيّة ، فسورة الفجر ذات آيات قصار وأسلوب واضح ومصحوب بالإنذار والتحذير . . وتقدّم لنا الآيات الأولى أقساماً نادرة في نوعها لتهديد الجبارين بالعذاب الإلهي . وتنقل لنا بعض آياتها ما حلّ ببعض الأقوام السالفة ممن طغوا في الأرض وعاثوا فساداً ( قوم عاد ، ثمود وفرعون ) ، وجعلهم عبرة لأولي الأبصار ، ودرساً قاسياً لكلّ مَن يرى في نفسه القوّة والاقتدار من دون اللّه . ثمّ تشير باختصار إلى الامتحان الربّاني للإنسان ، وتلومه على تقصيره في فعل الخيرات . . وفي آخر ما تتحدث عنه السّورة هو «المعاد » وما سينتظر المؤمنين ذوي النفوس المطمئنة من ثواب جزيل ، وأيضاً ما سينتظر المجرمين والكافرين من عقاب شديد . ...

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

ابن العربي : روى ابن القاسم ، وأشهب عن مالك ، قال : الفجر أمره بيّن ، وهو البياض المعترض في الأفق . ...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

هذا قسم أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالفجر ، وهو فجر الصبح . واختلف أهل التأويل في الذي عُني بذلك؛

فقال بعضهم : عُنِي به النهار . ...

وقال آخرون : عُنِي به صلاة الصبح . ...

وقال آخرون : هو فجر الصبح ....

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

كانت العرب من عادتهم أنهم إذا استحسنوا شيئا عظموه ، وإذا عظموه أقسموا به . ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن هذه الأشياء التي أقسم الله تعالى بها لابد وأن يكون فيها إما فائدة دينية مثل كونها دلائل باهرة على التوحيد ، أو فائدة دنيوية توجب بعثا على الشكر ، أو مجموعهما . ...

أقسم الله تعالى به لما يحصل به من انقضاء الليل وظهور الضوء ، وانتشار الناس وسائر الحيوانات من الطير والوحوش في طلب الأرزاق ، وذلك مشاكل لنشور الموتى من قبورهم ، وفيه عبرة لمن تأمل ، وهذا كقوله : { والصبح إذا أسفر } وقال في موضع آخر ، { والصبح إذا تنفس } وتمدح في آية أخرى بكونه خالقا له ، فقال : { فالق الإصباح }... وإنما أقسم بصلاة الفجر لأنها صلاة في مفتتح النهار وتجتمع لها ملائكة النهار وملائكة الليل كما قال تعالى : { إن قرآن الفجر كان مشهودا } أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار القراءة في صلاة الصبح ...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

الظاهر أن المقسم به ، هو المقسم عليه ، وذلك جائز مستعمل ، إذا كان أمرًا ظاهرًا مهمًا ، وهو كذلك في هذا الموضع . فأقسم تعالى بالفجر ، الذي هو آخر الليل ومقدمة النهار ، لما في إدبار الليل وإقبال النهار ، من الآيات الدالة على كمال قدرة الله تعالى ، وأنه وحده المدبر لجميع الأمور ، الذي لا تنبغي العبادة إلا له ، ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة ، يحسن أن يقسم الله بها . ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هذا القسم في مطلع السورة يضم هذه المشاهد والخلائق . ذات الأرواح اللطيفة المأنوسة الشفيقة : " والفجر " . . ساعة تنفس الحياة في يسر ، وفرح ، وابتسام ، وإيناس ودود ندي ، والوجود الغافي يستيقظ رويدا رويدا ، وكأن أنفاسه مناجاة ، وكأن تفتحه ابتهال ! ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمقصد من تطويل القسم بأشياء ، التشويقُ إلى المقسم عليه . و { الفجر } : اسم لوقتِ ابتداء الضياء في أقصى المشرق من أوائل شعاع الشمس حين يتزحزح الإِظلام عن أول خط يلوح للناظرِ مِنَ الخطوط الفرضية المعروفةِ في تخطيط الكرة الأرضية في الجغرافيا ثم يمتد فيضيء الأفق ثم تظهر الشمس عند الشروق وهو مظهر عظيم من مظاهر القدرة الإلهية وبديع الصنع . فالفجر ابتداء ظهور النور بعد ما تأخذ ظلمة الليل في الانصرام وهو وقت مبارك للناس إذ عنده تنتَهي الحالة الداعية إلى النوم الذي هو شبيه الموت ؛ ويأخذ الناس في ارتجاع شعورهم وإقبالهم على ما يألفونه من أعمالهم النافعة لهم . فالتعريف في { الفجر } تعريف الجنس وهو الأظهر لمناسبة عطف { والليل إذا يسر } . ...

الشعراوي – 1419هـ.

الفجر هو: الشق الواسع، يقال: فجرت الشيء، أي: جعلت به شقاً واسعاً، ولما كان ضوء النهار محتجباً بسواد الليل، كان الفجر شقّاً لذلك السواد، ولذلك يسمونه العامود، أي: العمود الذي يقطع الظلام، فيشق شقاً واسعاً؛ فلذلك سمي الفجر فجراً.

والمادة تدل على الشق الواسع في أي وضع كانت؛ ولذلك يسمي الشرع من يخرج عن أمر ربه بالفاجر، فجر أي: أحدث شقّاً واسعاً في التزامه بمنهج الله عز وجل.

إذن.. فالمسألة كلها مرجعها إلى إيجاد الشق والهوة الواسعة، ونظراً لأن الفجر يأتي ليشق ظلام الليل، سمي فجراً، والفجر هو الانتقال من آية الليل إلى أولية آية النهار، ونأخذ من هذا عدم ثبوت الحركة الحادثة.. ليل يأتي بظلامه، ثم يأتي فجر بعده فيشق ذلك الظلام، ثم تسطع الشمس بنورها، مما يدل على أن ما في الكون أحداث، والأحداث متغيرة، والحدث المتغير لابد له من مهيمن عليه يغيره، والتغيير إنما هو إلى الضد، وإلى النقيض، فلابد أن ننظر في آيات الكون كلها وما فيها من تغيرات من نقيض إلى نقيض.

ثم بعد ذلك نشعر أن كلمة: (الفجر) قد أخرجت العالم من الثبات والسكون إلى الحركة، والضوء يهدينا إلى أن نتفاعل مع ما نحركه، أو مع ما يحركنا.

فقول الحق سبحانه وتعالى: {والفجر} يقسم بآية من آيات كونه، تخرج الكون عن ظلامه الدامس، لتمد الناس بالنور والإشراق، الذي يهديهم إلى متفاعلاتهم من حركتهم في الحياة...

فالفجر جاء ليؤدي مهمة في الكون، والليل جاء أيضاً ليؤدي مهمة في الكون، وليس من صالح الكون، ولا من صالح الإنسان، أن يستمر الليل في ظلامه، ولا أن يستمر النهار في ضوئه، فكل شيء من هذه الأشياء في الكون له مهمة يؤديها، لو أخذ رتابة في لون من الألوان، لما وجد هذا اللون من الألوان الذي يؤيد كل زمن للحركة أو للسكون بها؛ ولذلك يضرب لنا الحق سبحانه وتعالى ذلك المثل في قوله عز وجل: {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون(71)} [القصص]، ثم يأتي بالمقابل بعد ذلك فيقول: {قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النّهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون(72)} [القصص].

إذن، فيجب على الإنسان أن ينظر إلى متقابلات ذلك الكون، لا على أنها تناقضات للكون، ولكن على أنها مكملات، ومعنى مكملات: أن هذا له دور، وذلك له دور، فلو تعدى شيء دوره، ما استمر أو استقام أمر الحياة.

والفجر الذي يقسم الله عز وجل به هنا، ليس مجرد ظهور الضوء الذي يمحو آية الليل، ولكنه هو الفجر المقرون بأمر نسكي، تعبدي، يبتدئ الإنسان فيه يومه باستقباله لربه، صلاةً له، وحضوراً في حضرته، واستمداداً من إمداده، بدليل أنه قال بعدها: {وليالٍ عشرٍ(2) والشّفع والوتر(3)}

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وهي ثلاثون آية{[1]}

قوله تعالى : " والفجر " أقسم بالفجر . " وليال عشر . والشفع والوتر . والليل إذا يسر " أقسام خمسة . واختلف في " الفجر " ، فقال قوم : الفجر هنا : انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم . قاله علي وابن الزبير وابن عباس رضي اللّه عنهم . وعن ابن عباس{[16020]} أيضا أنه النهار كله ، وعبر عنه بالفجر لأنه أوله . وقال ابن محيصن عن عطية عن ابن عباس : يعني الفجر يوم المحرم . ومثله قال قتادة . قال : هو فجر أول يوم من المحرم ، منه تنفجر السنة . وعنه أيضا : صلاة الصبح . وروى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : " والفجر " : يريد صبيحة يوم النحر ؛ لأن اللّه تعالى جل ثناؤه جعل لكل يوم ليلة قبله ، إلا يوم النحر لم يجعل له ليلة قبله ولا ليلة بعده ؛ لأن يوم عرفة له ليلتان : ليلة قبله وليلة بعده ، فمن أدرك الموقف ليلة بعد عرفة ، فقد أدرك الحج إلى طلوع الفجر ، فجر يوم النحر . وهذا قول مجاهد . وقال عكرمة : " والفجر " قال : انشقاق الفجر من يوم جمع{[16021]} . وعن محمد بن كعب القرطبي : " والفجر " آخر أيام العشر ، إذا دفعت من جمع . وقال الضحاك : فجر ذي الحجة ؛ لأن اللّه تعالى قرن الأيام به فقال : " وليال عشر "


[1]:لعله عمرو بن مرة المذكور في سند الحديث (انظر ابن ماجه ج 1 ص 139 وسنن أبي داود ج 1 ص 77 طبع مصر).
[16020]:في بعض النسخ: "ابن مسعود".
[16021]:جمع: هي مزدلفة.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الفجر

مكية وآياتها 30 نزلت بعد الليل

{ والفجر } أقسم الله تعالى بالفجر وهو الطالع كل يوم كما أقسم بالصبح ، وقيل : أراد صلاة الفجر ، وقيل : أراد النهار كله ، وقيل : فجر يوم الجمعة ، وقيل : فجر يوم النحر ، وقيل : فجر ذي الحجة ولا دليل على هذه التخصيصات ، وقيل : أراد انفجار العيون من الحجارة وهذا بعيد والأول أظهر وأشهر .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلۡفَجۡرِ} (1)

لما ختمت تلك بأنه لا بد من الإياب والحساب ، وكان تغيير الليل والنهار وتجديد كل منهما بعد إعدامه دالاًّ على القدرة على البعث ، وكان الحج قد جعله الله في شرعه له على وجه التجرد عن المخيط ولزوم التلبية والسير إلى الأماكن المخصوصة آية مذكرة بذلك قال : { والفجر * } أي الكامل في هذا الوصف لما له من العظمة حتى كأنه لا فجر غيره ، وهو فجر يوم النحر الذي هو أول الأيام الآخذة في الإياب إلى بيت الله الحرام بدخول حرمه والتحلل من محارمه وأكل ضيافته .