{ وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين( 36 ) فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين( 37 ) وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين( 38 ) وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين( 39 ) فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون( 40 ) }
وإلى مدين : وأرسلنا إلى مدين ، وأصلها : أبو القبيلة .
ارجوا اليوم الآخر : افعلوا ما ترجون به ثواب اليوم الآخر .
36-{ وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين } .
أرسل الله تعالى عبده شعيبا ، رسولا ناصحا إلى قبيلة مدين ، إخوته في النسب ، فنصحهم بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، وبالعمل الصالح الذي يؤهلهم للنجاة في اليوم الآخر ، مع خشية الله والخوف من حسابه ، والبعد عن الفساد ، وتطفيف الكيل والميزان ، وقطع الطريق والعدوان على الآخرين ، وقد مضت قصتهم مبسوطة في سور : الأعراف ، وهود ، والشعراء .
ونلاحظ أن الله تعالى قصّ علينا فيما سبق قصص نوح وإبراهيم ولوط ، ثم أردف ذلك بقصص شعيب وهود وصالح وموسى بإيجاز ، لفائدة العظة والاعتبار بأحوال هؤلاء الأنبياء مع أقوامهم .
كما نلاحظ أن القرآن فيما سبق تكلّم عن قوم الرسول : قوم نوح ، وقوم لوط ؛ لأنهم لم يكن لهم اسم خاص بهم ، أما هنا فتكلم عن القبيلة ، أو القوم الذين أرسل إليهم الرسول مثل : مدين ، وعاد ، وثمود .
لأن هؤلاء كان لهم نسب معروف ، اشتهروا به عند الناس ، فجرى الكلام على أصله ، وهو الحديث عن القبيلة أو القوم .
وقد اشتهر أمر قارون وفرعون وهامان بالطغيان ، فتحدث القرآن عن أعيانهم .
قوله تعالى : " وإلى مدين أخاهم شعيبا " أي وأرسلنا إلى مدين وقد تقدم ذكرهم وفسادهم في " الأعراف " {[12410]} و " هود " . " وارجوا اليوم الآخر " وقال يونس النحوي : أي اخشوا الآخرة التي فيها الجزاء على الأعمال . " ولا تعثوا في الأرض مفسدين " أي لا تكفروا فإنه أصل كل فساد والعثو والعثي أشد الفساد عَثِي يعثَى وعَثَا يعْثُو بمعنى واحد وقد تقدم . وقيل : " وارجوا اليوم الآخر " أي صدقوا به فإن القوم كانوا ينكرونه .
ولما كان السياق لإثبات يوم الدين وإهلاك المفسدين ، ولمن طال ابتلاؤه من الصالحين ولم يجد له ناصراً من قومه ، إما لغربته عنهم ، وإما لقلة عشيرته وعدم أتباعه ، وكان شعيب عليه السلام ممن استضعفه قومه واستقلوا عشيرته لتسميتهم لهم رهطاً ، والرهط ما دون العشرة أو من سبعة إلى عشرة ، وما دون السبعة إلى الثلاثة نفر ، فكان عليه السلام كذلك في هذا العداد ، عقب قصة لوط بقصته عليه الصلاة والسلام فقال : { وإلى } أي ولقد أرسلنا إلى { مدين أخاهم } أي من النسب والبلد { شعيباً } .
ولما كان مقصود السورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير فترة ، عبر بالفاء فقال : { فقال } أي فتسبب عن إرساله وتعقبه أن قال : { يا قوم اعبدوا الله } أي الملك الأعلى وحده ، ولا تشركوا به شيئاً ، فإن العبادة التي فيها شرك عدم ، لأن الله تعالى أغنى الشركاء فهو لا يقبل إلا ما كان له خالصاً .
ولما كان السياق لإقامة الأدلة على البعث الذي هو من مقاصد السورة قال : { وارجوا اليوم الآخر } أي حسن الجزاء فيه لتفعلوا ما يليق بذلك { ولا تعثوا في الأرض } حال كونكم { مفسدين* } أي متعمدين الفساد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.