تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗا فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرۡجُواْ ٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (36)

قصص شعيب وهود وصالح وموسى

{ وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين( 36 ) فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين( 37 ) وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين( 38 ) وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين( 39 ) فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون( 40 ) }

المفردات :

وإلى مدين : وأرسلنا إلى مدين ، وأصلها : أبو القبيلة .

ارجوا اليوم الآخر : افعلوا ما ترجون به ثواب اليوم الآخر .

لا تعثوا : لا تفسدوا .

التفسير :

36-{ وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين } .

أرسل الله تعالى عبده شعيبا ، رسولا ناصحا إلى قبيلة مدين ، إخوته في النسب ، فنصحهم بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، وبالعمل الصالح الذي يؤهلهم للنجاة في اليوم الآخر ، مع خشية الله والخوف من حسابه ، والبعد عن الفساد ، وتطفيف الكيل والميزان ، وقطع الطريق والعدوان على الآخرين ، وقد مضت قصتهم مبسوطة في سور : الأعراف ، وهود ، والشعراء .

ونلاحظ أن الله تعالى قصّ علينا فيما سبق قصص نوح وإبراهيم ولوط ، ثم أردف ذلك بقصص شعيب وهود وصالح وموسى بإيجاز ، لفائدة العظة والاعتبار بأحوال هؤلاء الأنبياء مع أقوامهم .

كما نلاحظ أن القرآن فيما سبق تكلّم عن قوم الرسول : قوم نوح ، وقوم لوط ؛ لأنهم لم يكن لهم اسم خاص بهم ، أما هنا فتكلم عن القبيلة ، أو القوم الذين أرسل إليهم الرسول مثل : مدين ، وعاد ، وثمود .

لأن هؤلاء كان لهم نسب معروف ، اشتهروا به عند الناس ، فجرى الكلام على أصله ، وهو الحديث عن القبيلة أو القوم .

وقد اشتهر أمر قارون وفرعون وهامان بالطغيان ، فتحدث القرآن عن أعيانهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗا فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرۡجُواْ ٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (36)

قوله تعالى : " وإلى مدين أخاهم شعيبا " أي وأرسلنا إلى مدين وقد تقدم ذكرهم وفسادهم في " الأعراف " {[12410]} و " هود " . " وارجوا اليوم الآخر " وقال يونس النحوي : أي اخشوا الآخرة التي فيها الجزاء على الأعمال . " ولا تعثوا في الأرض مفسدين " أي لا تكفروا فإنه أصل كل فساد والعثو والعثي أشد الفساد عَثِي يعثَى وعَثَا يعْثُو بمعنى واحد وقد تقدم . وقيل : " وارجوا اليوم الآخر " أي صدقوا به فإن القوم كانوا ينكرونه .


[12410]:راجع ج 7 ص 247 وما بعدها وج 9 ص 85 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗا فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرۡجُواْ ٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (36)

ولما كان السياق لإثبات يوم الدين وإهلاك المفسدين ، ولمن طال ابتلاؤه من الصالحين ولم يجد له ناصراً من قومه ، إما لغربته عنهم ، وإما لقلة عشيرته وعدم أتباعه ، وكان شعيب عليه السلام ممن استضعفه قومه واستقلوا عشيرته لتسميتهم لهم رهطاً ، والرهط ما دون العشرة أو من سبعة إلى عشرة ، وما دون السبعة إلى الثلاثة نفر ، فكان عليه السلام كذلك في هذا العداد ، عقب قصة لوط بقصته عليه الصلاة والسلام فقال : { وإلى } أي ولقد أرسلنا إلى { مدين أخاهم } أي من النسب والبلد { شعيباً } .

ولما كان مقصود السورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير فترة ، عبر بالفاء فقال : { فقال } أي فتسبب عن إرساله وتعقبه أن قال : { يا قوم اعبدوا الله } أي الملك الأعلى وحده ، ولا تشركوا به شيئاً ، فإن العبادة التي فيها شرك عدم ، لأن الله تعالى أغنى الشركاء فهو لا يقبل إلا ما كان له خالصاً .

ولما كان السياق لإقامة الأدلة على البعث الذي هو من مقاصد السورة قال : { وارجوا اليوم الآخر } أي حسن الجزاء فيه لتفعلوا ما يليق بذلك { ولا تعثوا في الأرض } حال كونكم { مفسدين* } أي متعمدين الفساد .