تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَقَدۡ كَفَرُواْ بِهِۦ مِن قَبۡلُۖ وَيَقۡذِفُونَ بِٱلۡغَيۡبِ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ} (53)

{ وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد } .

المفردات :

وقد كفروا به : وقد كفروا بمحمد ورسالته قبل حضور الموت .

ويقذفون بالغيب : يرجمون بالظنون .

من مكان بعيد : من جهة بعيدة ليس فيها مستند لظنهم حيث قالوا شاعر كاهن ساحر وقالوا في القرآن الكريم : سحر شعر كهانة .

التفسير :

لقد كفروا بالإسلام من قبل في الدنيا واتهموا نبي الإسلام محمدا صلى الله عليه مسلم بأمور بعيدة عنه حيث قالوا : ساحر أو شاعر أو مجنون أو كذاب وهم يعلمون بعده عن هذه الأمور ، ويعلمون صدقه وأمانته وتارة يقولون عن القرآن : سخر أو شعر أو كهانة أو إفك مفترى وتارة يقولون : لابعث ولا نار ولا حساب ولا جزاء وما نحن بمعذبين .

قال القرطبي :

قال تعالى : { وقد كفروا به من قبل . . . }أي : بالله عز وجل وقيل : بمحمد من قبل يعنى في الدنيا .

{ ويقذفون بالغيب . . . }العرب تقول لكم من يتكلم بما لا يحقه هو يقذف ويرجم بالغيب .

{ من مكان بعيد } على جهة التمثيل لمن يرجم ولا يصيب أي : يرمون بالظن فيقولون لا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار رجما منهم بالظن . اه .

والمقصود من الآية تقريعهم على ما كانوا يتفوهون به من كلام ساقط بينه وبين الحقيقة مسافات بعيدة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَقَدۡ كَفَرُواْ بِهِۦ مِن قَبۡلُۖ وَيَقۡذِفُونَ بِٱلۡغَيۡبِ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ} (53)

قوله تعالى : " وقد كفروا به " أي بالله عز وجل وقيل : بمحمد " من قبل " يعني في الدنيا . " ويقذفون بالغيب من مكان بعيد " العرب تقول لكل من تكلم بما لا يحقه{[13087]} : هو يقذف ويرجم بالغيب . " من مكان بعيد " على جهة التمثيل لمن يرجم ولا يصيب ، أي يرمون بالظن فيقولون : لا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار ، رجما منهم بالظن . قاله قتادة . وقيل : " يقذفون " أي يرمون في القرآن فيقولون : سحر وشعر وأساطير الأولين . وقيل : في محمد ، فيقولون ساحر شاعر كاهن مجنون . " من مكان بعيد " أي إن الله بعد لهم أن يعلموا صدق محمد . وقيل : أراد البعد عن القلب ، أي من مكان بعيد عن قلوبهم . وقرأ مجاهد " ويقذفون بالغيب " غير مسمى الفاعل ، أي يرمون به . وقيل : يقذف به إليهم من يغويهم ويضلهم .


[13087]:حق الأمر يحقه وأحقه: كان منه على يقين.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَدۡ كَفَرُواْ بِهِۦ مِن قَبۡلُۖ وَيَقۡذِفُونَ بِٱلۡغَيۡبِ مِن مَّكَانِۭ بَعِيدٖ} (53)

{ وقد } أي{[57175]} كيف لهم ذلك والحال أنهم قد { كفروا به } أي بالذي طلب منهم أن يؤمنوا به أملاً وجزاءً { من قبل } أي في دار العمل { و } الحال أنهم حين كفرهم { يقذفون } في أمر ما دعوا إليه بما يرمون به من الكلام رمياً سريعاً جداً من غير تمهل ولا تدبر { بالغيب } أي{[57176]} من مرجمات الظنون ، وهي الشبهة التي تقدم إبطالها في هذه السورة وغيرها من استبعادهم البعث وغيره مما أخبر الله به .

ولما كان الشيء لا يمكن أن يصيب ما يقذفه وهو غائب عنه ولا سيما مع البعد قال معلماً ببعدهم عن علم ما يقولون مع بعده جداً من حال من تكلموا فيه سواء كان القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم أو الحشر و{[57177]}الجنة والنار{[57178]} : { من مكان بعيد * } وذلك على الضد من قذف علام الغيوب فإنه من مكان قريب فهو معلوم لازم للحق .


[57175]:زيد من ظ وم ومد.
[57176]:زيد من ظ وم ومد.
[57177]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أو.
[57178]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أو.