تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

إعراض الكافرين عن آيات الله

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ( 45 ) وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ( 46 ) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( 47 ) } .

المفردات :

اتقوا ما بين أيديكم : خافوا واحذروا مثل عذاب الأمم التي قبلكم .

وما خلفكم : عذاب الآخرة ، وقيل : { ما بين أيديكم } . ما تقدم من ذنوبكم ، { وما خلفكم } . ما يأتي منها .

45

التفسير :

45 { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } .

كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكّرهم بالله ويعظهم ، ويقرأ عليهم آيات القرآن الكريم ، وفيها حديث عما أصاب المكذبين للرسل من العذاب والعقاب .

ومعنى الآية :

وإذا قيل لأهل مكة : احذروا مثل عذاب الأمم التي قبلكم ، { وما خلفكم } . أي : عذاب الآخرة الذي أعده الله لكم ، لسوء عملكم وإصراركم على كفركم ، أي : اتقوا ما بين أيديكم ، واحذروا أن يصيبكم مثل عذاب قوم نوح وعاد وثمود ، وخافوا الله واحذروا عقوبته بعد الموت ، لعل هذا الخوف يكون سبيلا إلى رحمة الله ولطفه بكم ، إذا قيل لهم ذلك ، أعرضوا وسدُّوا آذانهم ، وتكبروا ، ودليل ذلك قوله تعالى : { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ } .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

قوله تعالى : { وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم } قال قتادة : يعني { اتقوا ما بين أيديكم } أي : من الوقائع فيمن كان قبلكم من الأمم ، { وما خلفكم } من الآخرة . ابن عباس وابن جبير ومجاهد : { ما بين أيديكم } ما مضى من الذنوب ، { وما خلفكم } ما يأتي من الذنوب . الحسن : { ما بين أيديكم } ما مضى من أجلكم { وما خلفكم } ما بقي منه . وقيل : { ما بين أيديكم } من الدنيا ، { وما خلفكم } من عذاب الآخرة ؛ قال سفيان ، وحكى عكس هذا القول الثعلبي عن ابن عباس . قال : { ما بين أيديكم } من أمر الآخرة وما عملوا لها ، { وما خلفكم } من أمر الدنيا فاحذروها ولا تغتروا بها . وقيل : { ما بين أيديكم } ما ظهر لكم { وما خلفكم } ما خفي عنكم . والجواب محذوف .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيكُمۡ وَمَا خَلۡفَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ} (45)

ولما كان هذا الحال معلوماً لهم لا ينازعون فيه بوجه ، بل إذا وقعوا فيه أخلصوا الدعاء وأمروا به وخلعوا الأنداد ، وكان علم ذلك موجباً لصاحبه أن لا يغفل عن القادر عليه وقتاً ما ، بل لا يفتر عن شكره خوفاً من مكره ، وكان العاقل إذا ذكر بأمر فعلمه يقيناً كان جديراً بأن يقبله ، فإذا لم يقبله وخوف عاقبته بأمر محتمل جد في الاحتراز منه ، عجب منهم في إعراضهم عنه سبحانه مع قيام الأدلة القاطعة على وحدانيته وأنه قادر على ما يريد من عذاب وثواب ، وإقبالهم على ما لا ينفعهم بوجه ، فقال : { وإذا قيل } أي : من أي قائل كان { لهم اتقوا } أي : خافوا خوفاً عظيماً تعالجون فيه أنفسكم { ما بين أيديكم } أي : بما يمكن أن تقعوا فيه من العثرات المهلكة في الدارين { وما خلفكم } أي : ما فرطتم فيه ولم تجاروا به ولا بد من المحاسبة عليه ؛لأن الله الذي خلقكم أحكم الحاكمين { لعلكم ترحمون * } أي : تعاملون معاملة المرحوم بالإكرام .