54 { فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }
{ فاليوم } ، أي : فهذا يوم القيامة ، ويوم الفصل والحكم بين الناس ، والحكم لله تعالى في ذلك اليوم ، وهو سبحانه عادل ، وقد حرّم الظلم على نفسه ، لذلك فهو سبحانه لا يبخس الناس شيئا من أعمالهم ، ولا يُنقص حسنة لمحسن ، ولا يزيد في سيئات مسيء ، بل إن الجزاء من جنس العمل ، والجزاء العادل بالجنة ونعيمها للمتقين ، وبالنار وعذابها للكافرين والظالمين .
قال تعالى : { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [ الأنبياء : 48 ] .
وقال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } [ النساء : 40 ] .
وقال سبحانه : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ يونس : 44 ] .
وقال تعالى : { ولا يظلم ربك أحدا } [ الكهف : 49 ] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يقول الله عز وجل : يا عبادي ، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي ، كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تضلّون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضرّي فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أتقى قلب رجل واحد ، ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي ، لو أن أولكم وإنسكم وجنكم ، كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم ، اجتمعوا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل سائل مسألته ، ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، إلا كما ينقص المخيط إذا وضع في البحر ، يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه " 21 .
ولما كان هذا الإحضار بسبب العدل وإظهار جميع صفات الكمال قال : { فاليوم } ولما كان نفي الظلم مطلقاً أبلغ من نفيه عن أحد بعينه ، وأدل على المراد وأوجز ، قال لافتاً القول عن الإظهار أو الإضمار بمظهر العظمة أو غيره ! { لا تظلم } ولما كان التعبير بما كثر جعله محط الرذائل والحظوظ والنقائص أدل على عموم نفي الظلم قال : { نفس } أي أيّ نفس كانت مكروهة أو محبوبة { شيئاً } أي لا يقع لها ظلم ما من أحد ما في شي ما . ولما كانت المجازاة بالجنس أدل على القدرة وأدخل في العدل ، قال محققاً بالخطاب والجمع أن المنفي ظلمه كل من يصلح للخطاب لئلا يقع في وهم أن المنفي ظلمه نفوس مخصوصة أو نفس واحد : { ولا تجزون } أي على عمل من الأعمال شيئاً من الجزاء من أحد ما { إلا ما كنتم تعملون * } ديدناً لكم بما ركز في جبلاتكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.