تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

الحوار بين أصحاب اليمين وبين المجرمين

{ كل نفس بما كسبت رهينة 38 إلا أصحاب اليمين 39 في جنات يتساءلون 40 عن المجرمين 41 ما سلككم في سقر 42 قالوا لم نك من المصلين 43 ولم نك نطعم المسكين 44 وكنا نخوض مع الخائضين 45 وكنا نكذّب بيوم الدين 46 حتى أتانا اليقين 47 فما تنفعهم شفاعة الشافعين 48 فما لهم عن التذكرة معرضين 49 كأنهم حمر مستنفرة 50 فرّت من قسورة 51 بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة 52 كلاّ بل لا يخافون الآخرة 53 كلاّ إنه تذكرة 54 فمن شاء ذكره 55 وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة 56 }

المفردات :

بما كسبت رهينة : مرهونة عند الله تعالى بعملها .

38

التفسير :

38- كل نفس بما كسبت رهينة .

كل إنسان مرتهن بعمله يوم القيامة ، فمن أطاع الله وأدى واجبه في الدنيا فقد أعتق نفسه من نار جهنم ، ومن عصى الله ولم يلتزم بأوامره ، ولم يجتنب نواهيه ، كان مرتهنا في جهنم ، ليصطلى بنارها جزاء وفاقا لعمله .

وفي الحديث الشريف : ( . . . كل الناس يغدو ، فبائع لنفسه فمعتقها أو موبقها ) .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

قوله تعالى : " كل نفس بما كسبت رهينة " أي مرتهنة بكسبها ، مأخوذة بعملها ، إما خلصها وإما أوبقها . وليست " رهينة " تأنيث رهين في قوله تعالى : " كل امرئ بما كسب رهين " [ الطور : 21 ] لتأنيث النفس ؛ لأنه لو قصدت الصفة لقيل رهين ؛ لأن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث . وإنما هو اسم بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم ، كأنه قيل : كل نفس بما كسبت رهين ، ومنه بيت الحماسة :

أبعد الذي بالنعْفِ نَعْفِ كُويكبٍ *** رهينةُ رَمْسٍ ذي ترابٍ وجَنْدَلِ{[15592]}

كأنه قال رهن رمس . والمعنى : كل نفس رهن بكسبها عند الله غير مفكوك


[15592]:النعف من الأرض: المكان المرتفع في اعتراض. والبيت من قول عبد الرحمن بن زيد العذرى وقد قتل أخوه وعرضت عليه الدية، فأبى أن يأخذها، وأخذ بثأره.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسِۭ بِمَا كَسَبَتۡ رَهِينَةٌ} (38)

ولما كان التقدم والتأخر-{[69934]} بالأفعال ، وكان أكثر أفعال الإنسان الشر لما جبل عليه من النقصان ، قال مبيناً لما يقدم وما يؤخر { كل نفس } أي ذكر أو أنثى على العموم{[69935]} { بما كسبت } أي خاصة لا بما كسب غيرها { رهينة * } أي مرتهنة بالفعل ، اسم بمعنى . الرهن كما في قول-{[69936]} الحماسي{[69937]} :

أبعد الذي بالنعف نعف كويكب{[69938]} *** رهينة رمس ذي تراب وجندل

لا تأنيث " رهين " الذي هو وصف ، لأن فعيلاً بمعنى مفعول-{[69939]} يستوي مذكره ومؤنثه ، ولو كانت الفواصل التي يعبرون بها عن السجع تأدباً تراعى في القرآن بوجه لقيل : رهين -{[69940]} لأجل يمين ، ولكن لا نظر{[69941]} فيه لغير المعنى ، ويجوز أن تكون الهاء-{[69942]} للمبالغة بمعنى موثقة إيثاقاً بليغاً محبوسة حبساً عظيماً فهي في النار ، فجعل الأصل في الكسب الموثق{[69943]} .


[69934]:زيد من ظ و م.
[69935]:زيد في الأصل: ما، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[69936]:زيد من ظ و م.
[69937]:زيد في الأصل: حيث قال، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[69938]:من البحر المحيط 8/379 وروح المعاني 9/226، وفي الأصل: بكوكب.
[69939]:زيد من ظ.
[69940]:زيد من م.
[69941]:من ظ و م، وفي الأصل: نظير.
[69942]:زيد من م.
[69943]:في م: الموفق.