تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ} (40)

التفسير :

40 ، 41- وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى .

من راقب الله ، واتّبع أوامره ، واجتنب نواهيه ، وتذكّر الوقوف أمامه للحساب والجزاء ، فآثر الآخرة على الدنيا ، ونهى نفسه عن هواها ، ومشتهايتها من الزنا أو السرقة أو الخمر أو أيّ معصية ، فإن مآله الجنة ، هي مأواه ومستقره ، يقيم فيها خالدا مخلّدا أبدا ، يتمتع فيها بالنعيم المقيم ، ورضوان الله رب العالمين .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ} (40)

قوله تعالى : " وأما من خاف مقام ربه " أي حذر مقامه بين يدي ربه . وقال الربيع : مقامه يوم الحساب . وكان قتادة يقول : إن لله عز وجل مقاما قد خافه المؤمنون . وقال مجاهد : هو خوفه في الدنيا من الله عز وجل عند مواقعة الذنب فيقلع . نظيره : " ولمن خاف مقام ربه جنتان " [ الرحمن : 46 ] . " ونهى النفس عن الهوى " أي زجرها عن المعاصي والمحارم . وقال سهل : ترك الهوى مفتاح الجنة ؛ لقوله عز وجل : " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى " قال عبد الله بن مسعود : أنتم في زمان يقود الحق الهوى ، وسيأتي زمان يقود الهوى الحق فنعوذ بالله من ذلك الزمان .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ} (40)

ولما ذكر الطاغي ، أتبعه المتقي فقال : { وأما من خاف } ولما كان-{[71542]} ذلك الخوف مما يتعلق بالشيء لأجل ذلك الشيء أعظم من ذكر الخوف من ذلك الشيء نفسه فقال : { مقام ربه } أي قيامه بين يدي المحسن إليه عند تذكر إحسانه فلم يطغ فكيف عند تذكر جلاله وانتقامه ، أو المكان الذي يقوم فيه بين يديه و{[71543]}الزمان ، وإذا خاف ذلك المقام-{[71544]} فما ظنك بالخوف من صاحبه ، وهذا لا يفعله إلا من تحقق المعاد .

ولما ذكر الخوف ذكر ما يتأثر عنه ولم يجعله مسبباً عنه ليفهم{[71545]} أن كلاًّ منهما فاصل على حياله وإن انفصل عن الآخر فقال : { ونهى النفس } أي التي لها المنافسة { عن الهوى } أي كل ما تهواه فإنه لا يجر إلى خير لأن النار حفت بالشهوات ، والشرع كله مبني على ما يخالف الطبع وما تهوى الأنفس ، وذلك هو المحارم التي حفت بها النار فإنها بالشهوات ، قال الرازي : والهوى هو{[71546]} الشهوة المذمومة المخالفة لأوامر الشرع . قال الجنيد : إذا خالفت النفس هواها صار داؤها دواءها ، أي فأفاد ذلك أنه لم يؤثر الحياة الدنيا ، فالآية من الاحتباك : أتى بطغى دليلاً على ضده ثانياً ، وبالنهي عن الهوى ثانياً دلالة على إيثار الدنيا أولاً .


[71542]:زيد من ظ و م.
[71543]:من ظ و م، وفي الأصل:أو.
[71544]:زيد من ظ و م.
[71545]:من ظ و م، وفي الأصل: مفهما.
[71546]:زيد في الأصل هوى، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.