تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَأَمَّا مَنۡ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِۦ وَنَهَى ٱلنَّفۡسَ عَنِ ٱلۡهَوَىٰ} (40)

الآية 40 : وقوله تعالى : { وأما من خاف مقام ربه } فجائز أن يكون أريد بالمقام حساب ربه أو مقامه عند ربه ، فأضيف إلى الله تعالى لأن البعث مضاف إليه ، فكل أحواله أضيف إليه أيضا .

وجائز أن يكون الخوف راجعا إلى الحالة التي هو فيها ، فيخاف أن يكون مقامه في موضع نهي الله تعالى عن المقام فيه .

وقوله تعالى : { ونهى النفس عن الهوى } فليس هذا نهي قول ، وإنما نهيه إياها أن يكفها عن شهواتها ولذاتها ، وكفها أن يشعرها عذاب الآخرة ، ويخوفها آلامها وعقابها . فإذا فعل ذلك سهل عليها ترك الشهوات الحاضرة ، وسهل عليها العمل للآخرة . والناس في نهي نفس عن هواها على ضربين .

فمنهم من يقهرها ، فلا يعطيها شهواتها ؟ ، فهو ؟ أبدا في جهد وعناء ، ومنهم من يذكّرها العواقب ، ويريها ما أعد لأهل الطاعة ، ويعلمها ما يحل بالظلمة ، فيصير ذلك لها كالعيان ، فتختار لذات الآخرة على لذات الدنيا ، ؟ لأن ذلك أدوم وألذ ، وسهل عليه العمل للآخرة ، والهوى ، هو ميل النفس إلى شهواتها ولذتها .

ففيه أن الأنفس جبلت على حب الشهوات والميل إليها ، ولا تنتهي عن ذلك إلا بما ذكرنا .