تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

46

المفردات :

أخذناهم : أخذ قهر بالعذاب ، فأرسلنا عليهم الجراد والقمل والضفادع .

التفسير :

48- { وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون } .

ما نُري فرعون وملأه من معجزة إلا هي أكبر من سابقتها في الحجية عليهم ، والدلالة على صحة دعوته إلى التوحيد ، مع كون التي قبلها عظيمة في نفسها ، فإن بعض الناس يتأثر ببعض الآيات أكثر من الأخرى ، وبعض الناس تأسره معجزات أخرى ، والإنسان نفسه يختلف رأيه في بعض الأوقات ، فتارة يفضل هذا ، وتارة يفضل ذاك ، مثل قولهم : رأيت رجالا بعضهم أفضل من بعض ، ومنه بيت الحماسة :

من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري

{ وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون } .

أخذناهم بالعذاب المتدرج المتكرر الذي تشتمل عليه تلك الآيات ، لعلهم يرجعون عن كفرهم ، ويثوبون إلى رشدهم ، والمراد بالعذاب هنا العذاب الدنيوي ، الذي أشار إليه قوله سبحانه : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ( 133 ) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ( 134 ) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ( 135 ) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ( 136 ) } . ( الأعراف : 133-136 ) .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

وقوله : " وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها " أي كانت آيات موسى من أكبر الآيات ، وكانت كل واحدة أعظم مما قبلها . وقيل : " إلا وهي أكبر من أختها " لأن الأولى تقتضي علما والثانية تقتضي علما ، فتضم الثانية إلى الأولى فيزداد الوضوح ، ومعنى الأخوة المشاكلة المناسبة ، كما يقال : هذه صاحبة هذه ، أي قريبتان في المعنى . " وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون " أي على تكذيبهم بتلك الآيات ، وهو كقوله تعالى : " ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات " {[13647]} [ الأعراف :130 ] . والطوفان والجراد والقمل والضفادع . وكانت هذه الآيات الأخيرة عذابا لهم وآيات لموسى . " لعلهم يرجعون " من كفرهم .


[13647]:آية 130 سورة الأعراف.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

{ وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها } الآيات هنا المعجزات كقلب العصا حية ، وإخراج اليد بيضاء وقيل : البراهين والحجج العقلية ، والأول أظهر ومعنى { أكبر من أختها } أنها في غاية الكبر والظهور ولم يرد تفضيلها على غيرها من الآيات ، إنما المعنى : أنها إذا نظرت وجدت كبيرة ، وإذا نظرت غيرها وجدت كبيرة فهو كقول الشاعر :

من تلق منهم فقل لاقيت سيدهم *** . . .

هكذا قال الزمخشري ، ويحتمل عندي أن يريد ما نريهم من آية إلا هي أكبر مما تقدمها ، فالمراد أكبر من أختها المتقدمة عليها .