تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ} (21)

خصمان يحتكمان على داود

{ وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ( 21 ) إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ( 22 ) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب ( 23 ) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وهو راكعا وأناب ( 24 ) فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ( 25 ) }

المفردات :

وهل أتاك : استفهام يراد منه التعجب والتشويق إلى استماع ما بعده .

نبأ : خبر .

الخصم : المتخاصمين أو الخصماء ، ويطلق الخصم على المفرد والمثنى والجمع ، والمذكر والمؤنث .

تسوروا : التسور : اعتلاء السّور والصّعود فوقه ، مثل : تسنّم الجمل ، إذا علا فوق سنامه .

المحراب : في الأصل : صدر المجلس ، ومنه محراب المسجد ، لأنه في صدره ، ويطلق على مكان العبادة .

21

التفسير :

21-{ وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب } .

وهل وصل إلى علمك أيها الرسول الكريم ذلك النبأ العجيب ، وهو تسوّر خصمين السور على داود ، حال كونه متفرغا للعبادة ، إن كان هذا النبأ العجيب لم يصل إلى علمك ، فها نحن نقصّه عليك .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ} (21)

فيه أربع وعشرون مسألة :

الأولى- قوله تعالى : " وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب " " الخصم " يقع على الواحد والاثنين والجماعة ؛ لأن أصله المصدر . قال الشاعر :

وخَصْمٌ غِضَابٌ ينفُضُون لحاهُمُ *** كنفضِ البَرَاذِينِ العِرابِ المَخَالِيَا

النحاس : ولا خلاف بين أهل التفسير أنه يراد به ها هنا ملكان . وقيل : " تسوروا " وإن كان اثنين حملا على الخصم ، إذ كان بلفظ الجمع ومضارعا له ، مثل الركب والصحب . تقديره للاثنين ذوا خصم وللجماعة ذوو خصم . ومعنى : " تسوروا المحراب " أتوه من أعلى سوره . يقال : تسور الحائط تسلقه ، والسور حائط المدينة وهو بغير همز ، وكذلك السور جمع سورة مثل بسرة وبسر وهي كل منزلة من البناء . ومنه سورة القرآن ؛ لأنها منزلة بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى . وقد مضى في مقدمة الكتاب بيان هذا . وقول النابغة :

ألم تر أن الله أعطاك سُورَةً *** تَرَى كلَّ مَلْكٍ دونَهَا يتذَبْذَبُ

يريد شرفا ومنزلة . فأما السؤر بالهمز فهو بقية الطعام في الإناء . ابن العربي : والسؤر الوليمة بالفارسي . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب : ( إن جابرا قد صنع لكم سؤرا فحيهلا بكم ) . والمحراب هنا الغرفة ؛ لأنهم تسوروا عليه فيها . قاله يحيى بن سلام . وقال أبو عبيدة : إنه صدر المجلس ، ومنه محراب المسجد . وقد مضى القول فيه في غير موضع .