تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

1

المفردات :

لن تنفعكم أرحامكم : لن تفيدكم قراباتكم .

ولا أولادكم : الذين توالون المشركين لأجلهم .

يفصّل : يقضي ويحكم ، وقرئ ( يُفصل ) بالبناء للمجهول مع التشديد أو التخفيف .

التفسير :

3- { لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .

لن تنفعكم قرابتكم ولا أولادكم يوم القيامة ، إذا خنتم المسلمين وأفشيتم أسرارهم من أجل أقربائكم وأولادكم ، فمن وجد كلّ شيء ، ومن فقد الله كل شيء ، وكان حاطب بن أبي بلتعة قد أفشى سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أسرته وأهله وولده ، فقال الله له : إذا أغضبت ربك ونبيك ، وضعفت من أجل أولادك ، فإن هؤلاء لن ينفعوك يوم القيامة ، بل الذي ينفعكم هو ما آمركم به ، فاستقيموا على هدايتي وتوجيهي ، فإنني بصير بأعمالكم ، خبير بأسراركم ، وسأجازيكم على أعمالكم ، بالإحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا .

وقريب من معنى الآية قوله تعالى : { يوم يفرّ المرء من أخيه*وأمه وأبيه*وصاحبته وبنيه*لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } . ( عبس : 34-37 ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

فإن احتججتم وقلتم : نوالي الكفار لأجل القرابة والأموال ، فلن تغني عنكم أموالكم ولا أولادكم من الله شيئا . { والله بما تعملون بصير } فلذلك حذركم من موالاة الكافرين الذين تضركم موالاتهم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

قوله تعالى : { لن تنفعكم أرحامكم } لما اعتذر حاطب بأن له أولادا وأرحاما فيما بينهم ، بين الرب عز وجل أن الأهل والأولاد لا ينفعون شيئا يوم القيامة إن عصي من أجل ذلك . { يفصل بينكم } فيدخل المؤمنين الجنة ويدخل الكافرين النار ، وفي " يفصل " قراءات سبع : قرأ عاصم " يفصل " بفتح الياء وكسر الصاد مخففا . وقرأ حمزة والكسائي مشددا إلا أنه على ما لم يسم فاعله . وقرأ طلحة والنخعي بالنون وكسر الصاد مشددة . وروي عن علقمة كذلك بالنون مخففة . وقرأ قتادة وأبو حيوة " يفصل " بضم الياء وكسر الصاد مخففة من أفصل . وقرأ الباقون " يفصل " بياء مضمومة وتخفيف الفاء وفتح الصاد على الفعل المجهول ، واختاره أبو عبيد . فمن خفف فلقوله : { وهو خير الفاصلين{[14895]} } [ الأنعام : 57 ] وقوله : { إن يوم الفصل{[14896]} } [ الدخان : 40 ] . ومن شدد فلأن ذلك أبين في الفعل الكثير المكرر المتردد . ومن أتى به على ما لم يسم فاعله فلأن الفاعل معروف . ومن أتى به مسمى الفاعل رد الضمير إلى الله تعالى . ومن قرأ بالنون فعلى التعظيم . { والله بما تعملون بصير } .


[14895]:راجع جـ 6 ص 483.
[14896]:جـ 16 ص 147.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لَن تَنفَعَكُمۡ أَرۡحَامُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡۚ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يَفۡصِلُ بَيۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ} (3)

ولما كانت عداوتهم معروفة وإنما غطاها محبة القرابات لأن الحب للشيء يعمي ويصم ، فخطأ رأيهم في موالاتهم بما أعلمهم به من حالاتهم{[64461]} ، زهد فيها مما يرجع إلى حال من والوهم لأجلهم بما تورثه من الشقاء الدائم يوم البعث ، فقال مستأنفاً إعلاماً بأنها خطأ على كل حال : { لن تنفعكم } أي بوجه من الوجوه{[64462]} { أرحامكم } أي قراباتكم الحاملة لكم على رحمتهم والعطف ، { ولا أولادكم } الذين هم أخص أرحامكم إن واليتم أعداء الله لأجلهم فينبغي أن لا تعدوا قربهم منكم بوجه أصلاً ، ثم علل ذلك وبينه بقوله : { يوم القيامة } أي القيام الأعظم .

ولما كان النافي للنفع وقوع الفصل لا كونه{[64463]} من فاصل معين قال بانياً للمفعول على قراءة أبي عمرو ونافع وابن كثير وأبي جعفر وابن عامر{[64464]} من أكثر طرقه إلا أن شدد الصاد للمبالغة في الفصل : { يفصل } أي يوقع الفصل وهو الفرقة العظيمة بانقطاع جميع الأسباب { بينكم } أي أيها الناس فيدخل{[64465]} من شاء من أهل طاعته الجنة ، ومن شاء من أهل معصيته النار ، فلا ينفع أحد أحداً منكم بشيء من الأشياء إلا إن كان قد{[64466]} أتى الله بقلب سليم فيأذن الله في إكرامه بذلك .

ولما كان التقدير إعلاماً بأن الله هو الفاصل وهو الضار النافع بما دلت عليه{[64467]} قراءة الباقين إلا أن حمزة والكسائي بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد مشددة إشارة إلى عظمة هذا الفصل بخروجه عن المألوف عوداً إلى الاسم الأعظم إشارة إلى عظم الأمر بانتشار الخلائق وأعمالهم : فاللّه على ذلك قدير ، عطف عليه{[64468]} قوله : { والله } أي الذي له الإحاطة{[64469]} التامة { بما تعملون } أي من كل عمل في كل وقت { بصير * } فيجازيكم عليه في الدنيا والآخرة ، وقد مضى غير مرة أن تقديم الجار في مثل هذا للتنبه على مزيد الاعتناء بعلم ذلك لا على الاختصاص ولا لأجل الفواصل .


[64461]:- في ظ وم: حالهم.
[64462]:- زيد من ظ وم.
[64463]:- من ظ وم، وفي الأصل: لكونه.
[64464]:- راجع نثر المرجان 7/ 301.
[64465]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيه.
[64466]:- زيد من ظ وم.
[64467]:- زيد من ظ وم.
[64468]:- من ظ وم، وفي الأصل: على ذلك.
[64469]:- زيد في الأصل: الكامل، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.