تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآيِٕ رَبِّهِمۡ لَكَٰفِرُونَ} (8)

{ أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون( 8 ) أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون( 9 ) ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون( 10 ) }

المفردات :

في أنفسهم : أي تفكرا عميقا لا تفكرا ظاهريا أو لم يتفكروا في أمر أنفسهم فإنها أقرب إليهم من غيرها فبالتفكر يرجعون عن غفلتهم .

بالحق : بالعدل والحكمة .

وأجل مسمى : وقت سماه الله لابد من الانتهاء إليه وهو قيام الساعة .

بلقاء ربهم : بالبعث بعد الموت .

كافرون : جاحدون يحسبون أن الدنيا بداية ونهاية وأن الآخرة لا تكون .

8

التفسير :

{ أو لم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون } .

أي أغفل هؤلاء الناس عن التأمل في أنفسهم تأملا عميقا كيف خلقهم الله ومنحهم العقل والفكر ليتأملوا في خلق السماء والأرض وما بينهما من فضاء وهواء وتكامل في الخلق ، فهذا الكون لم يخلق إلا بالحق والعدل ووجد لغاية محددة واجل مسمى ، ثم تنتهي هذه الحياة الدنيا لتبدأ مرحلة أخرى من الموت والبعث والحشر والحساب والجزاء .

{ وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون } .

أي أكثر الناس في انشغال تام بدنياهم ولذائذهم ، غافلون عن آخرتهم أو جاحدون كافرين ، بينما القليل من الناس مؤمن بالله مصدق بالآخرة وبالبعث والحساب والجزاء .

قال القرطبي : وفي هذه الآية تنبيه على الفناء وعلى أن لكل مخلوق أجلا ، وعلى ثواب المحسن وعقاب المسيء اه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآيِٕ رَبِّهِمۡ لَكَٰفِرُونَ} (8)

{ 8 - 10 } { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } أي : أفلم يتفكر هؤلاء المكذبون لرسل اللّه ولقائه { فِي أَنْفُسِهِمْ } فإن في أنفسهم آيات يعرفون{[7]} بها أن الذي أوجدهم من العدم سيعيدهم بعد ذلك وأن الذي نقلهم أطوارا من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى آدمي قد نفخ فيه الروح إلى طفل إلى شاب إلى شيخ إلى هرم ، غير لائق أن يتركهم سدى مهملين لا ينهون ولا يؤمرون ولا يثابون ولا يعاقبون . { مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ } [ أي ] ليبلوكم أيكم أحسن عملا . { وَأَجَلٌ مُسَمًّى } أي : مؤقت بقاؤهما إلى أجل تنقضي به الدنيا وتجيء به القيامة وتبدل الأرض غير الأرض والسماوات .

{ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } فلذلك لم يستعدوا للقائه ولم يصدقوا رسله التي أخبرت به وهذا الكفر عن غير دليل ، بل الأدلة القاطعة قد دلت على البعث والجزاء .


[7]:- كتبت الكلمة مرتين مرة بالإفراد، ومرة بالجمع، وجاء في هامش أ ما نصه: (قرأ أهل البصرة وحفص (وكتبه). وقرأ الآخرون (وكتابه) على التوحيد).
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٖ مُّسَمّٗىۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآيِٕ رَبِّهِمۡ لَكَٰفِرُونَ} (8)

قوله تعالى : " في أنفسهم " ظرف للتفكير وليس بمفعول ، تعدى إليه " يتفكروا " بحرف جر ؛ لأنهم لم يؤمروا أن يتفكروا في خلق أنفسهم ، إنما أمروا أن يستعملوا التفكر في خلق السموات والأرض وأنفسهم ، حتى يعلموا أن الله لم يخلق السموات وغيرها إلا بالحق . قال الزجاج : في الكلام حذف ، أي فيعلموا ؛ لأن في الكلام دليلا عليه . " إلا بالحق " قال الفراء : معناه إلا للحق ، يعني الثواب والعقاب . وقيل : إلا لإقامة الحق . وقيل : " بالحق " بالعدل . وقيل : بالحكمة ؛ والمعنى متقارب . وقيل : " بالحق " أي أنه هو الحق وللحق خلقها ، وهو الدلالة على توحيده وقدرته . " وأجل مسمى " أي للسموات والأرض أجل ينتهيان إليه وهو يوم القيامة . وفي هذا تنبيه على الفناء ، وعلى أن لكل مخلوق أجلا ، وعلى ثواب المحسن وعقاب المسيء . وقيل : " وأجل مسمى " أي خلق ما خلق في وقت سماه لأن يخلق ذلك الشيء فيه . " وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون " اللام للتوكيد ، والتقدير : لكافرون بلقاء ربهم ، على التقديم والتأخير ، أي لكافرون بالبعث بعد الموت . وتقول : إن زيدا في الدار لجالس . ولو قلت : إن زيدا لفي الدار لجالس جاز . فإن قلت : إن زيدا جالس لفي الدار لم يجز ؛ لأن اللام إنما يؤتى بها توكيدا لاسم إن وخبرها ، وإذا جئت بهما لم يجز أن تأتي بها . وكذا إن قلت : إن زيدا لجالس لفي الدار لم يجز .