تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (55)

المفردات :

العشي : من نصف النهار إلى آخره .

الإبكار : من أول النهار إلى نصف .

التفسير :

55-{ فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار } .

أي : إذا علمت أن النصر من عند الله ، وأنه تعهد بنصر المرسلين ، وبنصر المؤمنين ، وقد نصر موسى ، وأغرق فرعون ، فَدُمْ يا محمد على الصبر والثبات ، وتَحمّل أذى المشركين ، واثقا أن وعد الله بالنصر حق ثابت لا ريب فيه ، وللصبر ثمن هو تزكية النفس والتوبة النصوح ، فاستغفر الله كثيرا من ذنبك ، أو من فعل خلاف الأولى ، وهذا الاستغفار إما أن يكون لرفع درجة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإما أن يكون لتعليم أمته .

وفي الحديث الشريف : " إني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم والليلة مائة مرة " {[624]}

ودوام على ذكر الله وتسبيحه وتحميده آناء النهار ، { بالعشي } . في النصف الأخير من النهار ، { والإبكار } . في النصف الأول من النهار .

وقيل المراد صلّ الوقتين – صلاة العصر وصلاة الصبح – أو صل الصلوات الخمس ، كما قال تعالى : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل . . . } ( هود : 114 ) .

وفي الآية دليل على أهمية الصبر والاستغفار ، وذكر الله تعالى والالتجاء إليه ، وكلها وسائل النصر والظفر ، وقد أشار الإمام فخر الدين الرازي في التفسير الكبير إلى وجوب البدء بالتوبة النصوح ، وتخلية القلب مما لا ينبغي ، ثم تنزيه الله تعالى عما لا يليق به .

حيث قال تعالى : { واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك . . . }

أي استغفر أولا ، واذكر الله ثانيا ، رفعا لدرجتك ، وتعليما لأمتك ، وخصّ العشي والإبكار لأن القلب يكون في المساء والصباح في حالة تهيؤ واستعداد لذكر الله وتعظيمه ، وتعداد نعمه وشكره ، أو المراد : اذكر الله في كل وقت وآن .

وكان صلى الله عليه وسلم يسبّح الله في الركوع ، ثم يقول : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي " يتأوّل القرآن .


[624]:والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه: رواه البخاري في الدعوات (6307) والترمذي في التفسير (3259) وابن ماجة في الأدب (3815) من حديث أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ". ورواه مسلم في الذكر (2702) وأبو داود في الصلاة (1515) من حديث الأغر المزني وكانت له صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة".
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (55)

{ فَاصْبِرْ } يا أيها الرسول كما صبر من قبلك من أولي العزم المرسلين . { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } أي : ليس مشكوكًا فيه ، أو فيه ريب أو كذب ، حتى يعسر عليك الصبر ، وإنما هو الحق المحض ، والهدى الصرف ، الذي يصبر عليه الصابرون ، ويجتهد في التمسك به أهل البصائر .

فقوله : { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } من الأسباب التي تحث على الصبر على طاعة الله وعن ما يكره الله .

{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } المانع لك من تحصيل فوزك وسعادتك ، فأمره بالصبر الذي فيه يحصل المحبوب ، وبالاستغفار الذي فيه دفع المحذور ، وبالتسبيح بحمد الله تعالى خصوصًا { بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } اللذين هما أفضل الأوقات ، وفيهما من الأوراد والوظائف الواجبة والمستحبة ما فيهما ، لأن في ذلك عونًا على جميع الأمور .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (55)

{ فاصبر } يا محمد { إن وعد الله } في نصرتك وإهلاك أعدائك { حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك } صل بالشكر منك لربك { بالعشي والإبكار } أي طرفي النهار

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (55)

قوله تعالى : " فاصبر " أي فاصبر يا محمد على أذى المشركين ، كما صبر من قبلك " إن وعد الله حق " بنصرك وإظهارك ، كما نصرت موسى وبني إسرائيل . وقال الكلبي : نسخ هذا بآية السيف . " واستغفر لذنبك " قيل : لذنب أمتك حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وقيل : لذنب نفسك على من يجوز الصغائر على الأنبياء . ومن قال لا تجوز قال : هذا تعبد للنبي عليه السلام بدعاء ، كما قال تعالى : " وآتنا ما وعدتنا " [ آل عمران : 194 ] والفائدة زيادة الدرجات وأن يصير الدعاء سنة لمن بعده . وقيل : فاستغفر الله من ذنب صدر منك قبل النبوة . " وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار " يعني صلاة الفجر وصلاة العصر ، قاله الحسن وقتادة . وقيل : هي صلاة كانت بمكة قبل أن تفرض الصلوات الخمس ركعتان غدوة وركعتان عشية . عن الحسن أيضا ذكره الماوردي . فيكون هذا مما نسخ والله أعلم . وقوله : " بحمد ربك " بالشكر له والثناء عليه . وقيل : " وسبح بحمد ربك " أي استدم التسبيح في الصلاة وخارجا منها لتشتغل بذلك عن استعجال النصر .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ} (55)

قوله : { فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } ذلك تحريض من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم على الصبر على البلاء واحتمال المكاره وما يضعه الظالمون والمشركون في طريقه من أسباب الصد والأذى ؛ فإن الله مُنجِزٌ له ما وعده من النصر والغلبة وظهور دينه الإسلام .

قوله : { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } استغفر الله لذنب أمتك { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } أمره الله بالديمومة على عبادته والثناء عليه . أو أن يقول : سبحان الله وبحمده . وذلك بالعشي أي أواخر النهار وأوائل الليل . { والإبكار } أي أوائل النهار وأواخر الليل . وقيل : عبّر بالطرفين وأريد جميع الأوقات .