تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجۡهِهِۦ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَقِيلَ لِلظَّـٰلِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (24)

عذاب الكافرين

{ أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون ( 24 ) كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ( 25 ) فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ( 26 ) }

المفردات :

يتقي بوجهه : يتلقى العذاب بوجهه لا شيء يقيه منه ، أهذا كمن أمِنَ ؟

سوء العذاب : أقساه وأشدّه .

وقيل للظالمين : أي : المشركين في جهنم .

ذوقوا ما كنتم تكسبون : جزاء كسبكم الشرّ والفساد .

التفسير :

24-{ أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون } .

من شأن القرآن أن يقابل بين عذاب الكافرين ، ونعيم المتقين .

وهنا يقول : أفمن يلقى في النار موثوقا بالحبال قد ربطت يداه بالحبال ، فاضطر أن يستقبل النار بوجهه ، كمن هو آمن سعيد مطمئن بالجنة ونعيمها ؟ !

ويجوز أن يراد بالوجه الجسم كله ، فهو يسحب في النار على وجهه ، ويُهان أعز جزء عليه وهو الوجه ، فالإنسان في الدنيا يدافع عن وجهه بيديه ، وفي الآخرة يلقى الكافر في النار مكتوفا .

وقال عطاء وابن زيد : يرمى به مكتوفا في النار ، فأوّل شيء تمسّ منه النار وجهه .

وقال مجاهد : يجرّ على وجهه في النار . ا ه .

قال تعالى : { يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر } . ( القمر : 48 ) .

{ وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون } .

للكافرين في جهنم عذاب بين طبقات النار ، ومعه مهانة وتقريع من الملائكة لهم ، حيث تقول لهم الملائكة : تذوقوا ألوان العذاب ، جزاء كفركم بالله ، واجتراح المعاصي ، وتكذيب الرسل ، فالجزاء من جنس العمل .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجۡهِهِۦ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَقِيلَ لِلظَّـٰلِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (24)

{ أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب } وهو الكافر يلقى في النار مغلولا فلا يتهيأ له أن يتقي النار إلا بوجهه ومعنى الآية أفمن هذه حاله كمن يدخل الجنة

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجۡهِهِۦ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَقِيلَ لِلظَّـٰلِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (24)

ولما أتم الإنكار على من سوى ، بين من شرح صدره ومن ضيق ، وما تبعه وختم بأن الأول مهتد ، والثاني ضال ، شرع في بيان ما لكل منهما نشراً مشوشاً في أسلوب الإنكار أيضاً ، فقال مشيراً إلى أن الضلال سبب العذاب ، والهدى سبب النعيم ، وحذف هنا المنعم الذي سبب له النعيم لين قلبه كما حذف القاسي القلب في آية الشرح الذي سببت له قسوته العذاب ، لتتقابل الآيتان ، وتتعادل العبارتان : { أفمن } وأفرد على لفظ { من } لئلا يظن أن الوجوه الأكابر فقال : { يتقي } ودل على أن يده التي جرت العادة بأنه يتقي بها المخاوف مغلولة بقوله : { بوجهه } الذي كان يقيه المخاوف ويحميه منها بجعله وهو أشرف أعضائه وقاية يقي به غيره من بدنه { سوء العذاب } أي شدته ومكروهه لأنه تابع نفسه على هواها حتى قسا قلبه وفسد لبه { يوم القيامة } لأنه يرمي به في النار منكوساً وهو مكبل ، لا شيء له من أعضائه مطلق يرد به عن وجهه في عنقه صخرة من الكبريت مثل الجبل العظيم ، ويسحب في النار على وجهه ، كمن أمن العذاب فهو يتلقى النعيم بقلبه وقالبه .

ولما كان مطلق التوبيخ والتقريع متكئاً ، بني للمفعول قوله : { وقيل } له - هكذا كان الأصل ، ولكنه أظهرالوصف تعميماً وتعليقاً للحكم به وجمع تنبيهاً على أن كثرتهم لم تغن عنهم شيئاً فقال : { للظالمين } أي الذين تركوا طريق الهدى واتبعوا الهوى فضلوا وأضلوا : { ذوقوا ما } أي جزاء ما { كنتم تكسبون * } أي تعدونه فائدة وثمرة لأعمالكم وتصرفاتكم ، وقيل لأهل النعيم : طيبوا نفساً وقروا عيناً جزاء بما كنتم تعملون ، فالآية من الاحتباك : ذكر الاستفهام أولاً دليلاً على حذف متعلقه ثانياً ، وما يقال للظالم ثانياً دليلاً على ما يقال للعدل أولاً .