تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡعَذَابَ بِٱلۡمَغۡفِرَةِۚ فَمَآ أَصۡبَرَهُمۡ عَلَى ٱلنَّارِ} (175)

{ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار } .

174

المفردات :

اشتروا الضلالة بالهدى : باعوا الهدى بالضلالة ، وجعلوها مكانه .

التفسير :

فكأنما هي صفقة يدفعون فيها الهدى ويقبضون الضلالة . ويؤدون المغفرة ويأخذون فيها العذاب فما أخسرها من صفقة وأغباها وبالسوء ما ابتاعوا وما اختاروا ، وإنها لحقيقة . فقد كان الهدى مبذولا لهم فتركوه وأخذوا الضلالة ، وكانت المغفرة متاحة لهم فتركوها واختاروا العذاب .

فما أصبرهم على النار :

فيا لطول صبرهم على النار التي اختاروها اختيارا وقصدوا إليها قصدا .

فيا للتهكم من طول صبرهم على النار .

قال العلماء :

إن فعل التعجب في كلام الله ، المراد منه التعجيب ، أي جعل الغير يتعجب من ذلك الفعل ، وهو هنا صبرهم على النار ، فيكون المقصود تعجب المؤمنين من جرأة أولئك الكاتمين لما أنزل الله على اقترافهم ما يلقى بهم في النار شأن الواثق من صبره على عذابها المقيم .

وشبيه بهذا الأسلوب في التعجيب كما أشار صاحب الكشاف أن تقول لمن يتعرض لما يوجب غضب السلطان : ما أصبرك على القيد والسجن ، فأنت لا تريد التعجب من صبره ، وإنما تريد إفهامه أن التعرض لما يغضبه لا يقع إلا عمن شأنه الصبر على القيد والسجن ، والمقصود بذلك تحذيره من التمادي فيما يوجب غضب ذلك السلطان المستند .