تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَأَصۡبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَٰرِغًاۖ إِن كَادَتۡ لَتُبۡدِي بِهِۦ لَوۡلَآ أَن رَّبَطۡنَا عَلَىٰ قَلۡبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (10)

7

المفردات :

فارغا : خاليا من العقل وحسن التصرف لما دهمها من الخوف والحيرة ، أو خاليا من كل شيء إلا من شأن موسى .

إن كادت : إنها كادت لتعلن أمره للناس .

ربطنا على قلبها : مجاز عن التثبيت بالصبر .

التفسير :

10-{ وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين } .

ألقت الأم وليدها في البحر امتثالا لأمر الله تعالى ، لقد ألقته ليلا ، وفي الصباح اشتد حزنها وهلعها ، حين رأت الأمواج ترتفع وتنخفض ، أو حين خشيت عليه الغرق أو الضياع ، أو القتل أو الموت .

قال المفسرون : أصبح قلبها فارغا من كل شيء إلا من موسى ، أين ذهب ؟ من أخذه ؟ هل هو حيّ أم ميّت ؟ ماذا يصير أمره إذا عثر عليه ؟

وهي عاطفة الأم ، تكاد تسيطر على تصرفاتها ، فتنسيها الحكمة أو الصبر ، أو التجلد أو انتظار الفرج ، وفي تلك اللحظة أو شكت أن تصيح في الناس قائلة : أدركوني ، لقد لقيت وليدي بيدي في البحر ، فهل من سبيل لإرجاعه لي ؟

{ لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين } .

أي : لولا أن ثبّت الله قلبها بالإيمان ، وملأ قلبها باليقين والثقة بوعد الله ، فأعاد الله إليها الهدوء والاطمئنان وثبات الفؤاد ، لتكون من الملتزمين بتصديق الله في وعده ، والآية تصور فطرة الأم وعاطفتها في حالة من حالات الشك واليأس ، ثم يأتي فضل الله فيجعل في القلب بردا وسلاما ويقينا وثقة واطمئنانا ، وقريب من هذا المعنى قوله تعالى : { حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا . . } [ يوسف : 110 ]