تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (182)

{ 182 – والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } .

أي : والذين كذبوا بالقرآن وهم أهل مكة ، نتركهم في ضلالهم ، ونستدرجهم إلى العذاب من حيث لا يعلمون ما يراد بهم ، ونقربهم إلى ما يهلكهم ، بإمدادهم بالنعم ، وفتح أبواب الرزق والخير ، وتيسير سبل المعاش ، كلما ارتكبوا ذنبا أو فعلوا جرما ، فيزدادون بطرا وانغماسا في الفساد71 .

من زاد المسير لابن الجوزي :

قوله تعالى : { نستدرجهم } قال الخليل بن أحمد : سنطوي أعمارهم في اغترار منهم .

وقال اليزيدي : الاستدراج : أن يأتيه من حيث لا يعلم .

وقال الأزهري : سنأخذهم قليلا قليلا من حيث لا يحتسبون ، وذلك أن الله تعالى يفتح عليهم من النعم ما يغبطهم به ، ويركنون إليه ، ثم يأخذهم على غرتهم أغفل ما يكونون .

قال الضحاك : كلما جددوا لنا معصية ؛ جددنا لهم نعمة ا ه .

وقد روى الشيخان عن أبي موسى : " إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " 72 .

وقال تعالى : { فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين }( الأنعام : 44 ، 45 ) .

وقال عز شأنه : { أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون } . ( المؤمنون : 55 ، 56 ) .

وقد تحقق ذلك بكفار قريش الذين هزموا في بدر والخندق وفتح مكة وغيرها من المعارك ، وأظهر الله رسوله عليهم .

قال عمر لما حملت إليه كنوز كسرى : " اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجا ، فإني سمعتك تقول : { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } .