فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (182)

ثم لما بين حال هذه الأمة الصالحة بين حال من يخالفهم فقال : { والذين كَذَّبُواْ بآياتنا سَنَسْتَدْرِجُهُم مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } والاستدراج : هو الأخذ بالتدريج منزلة بعد منزلة ، والدرج : كفّ الشيء ، يقال أدرجته ودرجته ، ومنه إدارج الميت في أكفانه . وقيل : هو من الدرجة ، فالاستدراج : أن يخطو درجة بعد درجة إلى المقصود ، ومنه درج الصبيّ : إذا قارب بين خطاه ، وأدرج الكتاب : طواه شيئاً بعد شيء ، ودرج القوم : مات بعضهم في إثر بعض . والمعنى : [ سنستدينهم ] قليلاً قليلاً إلى ما يهلكهم ، وذلك بإدرار النعم عليهم وإنسائهم شكرها ، فينهمكون في الغواية ، ويتنكبون طرق الهداية لاغترارهم بذلك ، وأنه لم يحصل لهم إلا بما لهم عند الله من المنزلة والزلفة .

/خ186