تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{مَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُۥۚ وَيَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (186)

المفردات :

يذرهم : يتركهم .

يعمهون : يتحيرون .

التفسير :

{ 186 – من يضلل الله فلا هادي له . . . } الآية .

أي : إن الله قد جعل هذا الكتاب أعظم أسباب الهداية للمتقين لا للجاحدين المعاندين ، وجعل الرسول المبلغ له أقوى الرسل برهانا ، وأكملهم عقلا ، وأجملهم أخلاقا ، فمن فقد الاستعداد للإيمان بهذا الكتاب وهذا الرسول ؛ فهو الذي أضله الله ، أي : الذي قضت سنته في خلق الإنسان ، وارتباط أعماله بأسباب تترتب عليها مسبباتها ، بأن يكون ضالا راسخا في الضلال ، وإذا كان ضلاله بمقتضى تلك السنن ، فمن يهديه من بعد الله ؟ ولا قدرة لأحد من خلقه على تغيير تلك السنن وتبديلها .

{ ويذرهم في طغيانهم يعمهون } .

أي : ويتركهم في تجبرهم الذي جازوا به حدود الله . { يعمهون } يتحيرون ويتخبطون .

قال تعالى : { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } . ( النور : 40 ) .

من تفسير المراغي :

والخلاصة : أنه ليس معنى إضلال الله لهم ، أنه أجبرهم على الضلال ، وأعجزهم بقدرته عن الهدى ، فكان ضلالهم جبرا لا اختيارا ، بل المراد : أنه لما مرنت قلوبهم على الكفر والضلال ، وأسرفوا فيهما ، حتى وصلوا إلى حد العمه في الطغيان ؛ فقدوا بهذه الأعمال الاختيارية ، ما يضادها في الهدى والإيمان ، فأصبحت نفوسهم لا تستنير بالهدى ، وقلوبهم لا ترعوى لدى الذكرى75 .

{ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } . ( المطففين : 14 ) .