بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ} (182)

قوله تعالى : { والذين كَذَّبُواْ بآياتنا } يعني : بمحمد والقرآن { سَنَسْتَدْرِجُهُم } يعني : سنأخذهم بالعذاب { مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } يعني : من حيث لا يشعرون . وقال الكلبي : يعني نزيّن لهم فنهلكهم من حيث لا يعلمون . يقول : سنأتيهم وهم المستهزئون فيقتل كل رجل منهم بغير قتلة صاحبه . وقال القتبي : الاستدراج أن يذيقهم من بأسه قليلاً قليلاً . ويقال : استدرج فلان فلاناً يعني : يعرف ما عنده وأصل هذا من الدرجة لأن الراقي يرقى درجة درجة . فاستعير من هذا كقوله تعالى { والمرسلات عُرْفاً } [ المرسلات : 1 ] يعني : الملائكة يتابعون بعضهم بعضاً كعرف الفرس . وكقوله تعالى : { المنافقون والمنافقات بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بالمنكر وَيَنْهَوْنَ عَنِ المعروف وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ إِنَّ المنافقين هُمُ الفاسقون } [ التوبة : 67 ] يمسكون عن العطية . وقال السدي : { سَنَسْتَدْرِجُهُم } يعني : كلما جددوا معصية جددنا لهم نعمة وأنسيناهم شكرها ، ثم نأخذهم من حيث لا يعلمون ، فذلك الاستدراج .