السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّهُۥ يَعۡلَمُ ٱلۡجَهۡرَ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ وَيَعۡلَمُ مَا تَكۡتُمُونَ} (110)

{ إنه } تعالى { يعلم الجهر من القول } أي : مما يجهرون به من العظائم وغير ذلك ، ونبه تعالى على ذلك فإنّ من أحوال الجهر أن ترتفع الأصوات جداً بحيث تختلط ولا يميز بينها ولا يعرف كثير من حاضريها ما قاله أكثر القائلين ، فأعلم سبحانه وتعالى أنه لا يشغله صوت عن آخر ، ولا يفوته شيء من ذلك ولو كثر { ويعلم ما تكتمون } مما تضمرونه في صدوركم من الأحقاد للمسلمين ، ونظير ذلك قوله تعالى في أول السورة : { قال ربي يعلم القول في السماء والأرض } [ الأنبياء ، 4 ] ومن لازم ذلك من المجازاة عليه بما يحق لكم من تعجيل وتأجيل فستعلمون كيف تخيب ظنونكم ويتحقق ما أقول فتنطقون حينئذٍ بأني صادق ولست بساحر ولا شاعر ولا كاهن ، فهو من أبلغ التهديد ، فإنه لا أبلغ من التهديد بالعلم ،