السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَٰلِمِينَ} (14)

ولما كان كأنه قيل : بم أجابوا هذا القائل ؟ قيل : { قالوا } حين لا نفع لقولهم عند نزول البأس { يا ويلنا } إشارة إلى أنه حل بهم ؛ لأنه ينادي بيا القريب ترفقاً به كما يقول الشخص لمن يضربه : يا سيدي كأنه يستغيث به ليكف عنه ، وذلك غباوة منهم ، وعمى عن الذي أحله بهم ؛ لأنهم كالبهائم لا ينظرون إلا السبب الأقرب ، ثم عللوا حلوله بهم تأكيداً لترفقهم بقولهم : { إنا كنا } جبلة وطبعاً { ظالمين } حيث كذبنا الرسل ، وعصينا أمر ربنا ، فاعترفوا حيث لا ينفعهم الاعتراف لفوات محله ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه القرية حَضور بفتح الحاء وبالضاد المعجمة ، وهي وسحول قريتان قريبتان من اليمن تنسب إليهما الثياب ، وفي الحديث : «كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين سحوليين » ، وروي حضوريين بعث الله لهم نبياً ، فقتلوه ، فسلط الله تعالى عليهم بختنصر كما سلطه الله على أهل بيت المقدس ، فاستأصلهم ، وروي أنه لما أخذتهم السيوف نادى منادٍ من السماء : يا لثأرات الأنبياء ، وهي بفتح اللام ، وبمثلثة وهمزة ساكنة أي : يا لأهل ثأراتهم أي : الطالبة بدمهم ، فحذف المضاف ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، فندموا وقالوا ذلك .