السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَا يُسۡـَٔلُ عَمَّا يَفۡعَلُ وَهُمۡ يُسۡـَٔلُونَ} (23)

ثم بيّن تعالى ذلك بقوله عز وجل : { لا يسأل } أي : من سائل ما { عما يفعل } لعظمته وقوّة سلطانه ، وإذا كانت عادة الملوك والجبابرة أن لا يسألهم من في مملكتهم عن أفعالهم وعما يوردون ويصدرون من تدبير ملكهم تهيباً وإجلالاً مع جواز الخطأ والزلل ، وأنواع الفساد عليهم كان ملك الملوك ورب الأرباب خالقهم ورازقهم أولى بأن لا يسأل عن أفعاله مع ما علم واستقر في العقول من أن ما يفعله كله مفعول بدواعي الحكمة ، ولا يجوز عليه تعالى الخطأ { وهم يسألون } لأنهم مملوكون مستعبدون خطاؤون ، فما أخلقهم بأن يقال لهم : لم فعلتم ؟ في كل شيء فعلوه .