السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ وَلَكُمُ ٱلۡوَيۡلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (18)

وقوله تعالى : { بل نقذف } أي : نرمي { بالحق } أي : الإيمان { على الباطل } أي : الكفر إضراب عن اتخاذ اللهو وتنزيه لذاته عن اللعب بل شأننا أن نرمي بالحق الذي من جملة الجد على الباطل الذي من عداد اللهو { فيدمغه } أي : يذهبه ، واستعار لدحض الباطل بالحق القذف والدمغ تصويراً لإبطاله به ، وإهداره ومحقه ، فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة ، ووجه استعارة القذف والدمغ لما ذكر أن أصل استعمالهما في الأجسام ، ثم استعير القذف لدحض الباطل بالحق والدمغ لإذهاب الباطل ، فالمستعار منه حسيّ ، والمستعار له عقليّ { فإذا هو } في الحال { زاهق } أي : ذاهب ، والزهوق ذهاب الروح ، وذكره لترشيح المجاز من إطلاق القذف على دحض الباطل ، ثم عطف على ما أفادته إذا قوله تعالى : { ولكم } أي : وإذا لكم أيها المبطلون { الويل } أي : العذاب الشديد { مما تصفون } الله تعالى به بما تهوى أنفسكم كالزوجة والولد .