السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ثُمَّ صَدَقۡنَٰهُمُ ٱلۡوَعۡدَ فَأَنجَيۡنَٰهُمۡ وَمَن نَّشَآءُ وَأَهۡلَكۡنَا ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (9)

{ ثم صدقناهم الوعد } أي : الذي وعدناهم بإهلاكهم ، وهذا مثل قوله تعالى : { واختار موسى قومه } [ الأعراف ، 155 ] في حذف الجار والأصل في الوعد ، ومن قومه ومنه صدقوهم القتال ، وصدقني سنّ بكره والأصل في هذا المثل أن أعرابياً عرض بعيراً للبيع ، فقال له المشتري : ما سنه ؟ قال : بكر ، فاتفق أنه ند ، فقال صاحبه هدع هدع ، وهذه اللفظة مما يسكن بها صغار الإبل لا الكبار ، فقال المشتري : صدقني سنّ بكره ، وأعرض ، فصار مثلاً .

تنبيه : أشار تعالى بأداة التراخي إلى أنهم طال بلاؤهم بهم ، وصبرهم عليهم ، ثم أحل بهم سطوته ، وأراهم عظمته { فأنجيناهم } أي : الرسل { ومن نشاء } وهم المؤمنون أو من في إبقائه حكمة كمن سيؤمن هو أو واحد من ذريته ، ولذلك حميت به العرب من عذاب الاستئصال ، { وأهلكنا المسرفين } أي : المشركين ؛ لأن المشرك مسرف على نفسه .