اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (57)

قوله : «فَضْلاً » مفعول من أجله ، وهو مراد مَكِّيٍّ بقوله : مصدر عَمِلَ فيه «يَدْعُونَ »{[50478]} . وقيل : العامل فيه{[50479]} : «وَوَقَاهُمْ » . وقيل : آمنين{[50480]} . فهذا إنما يظهر{[50481]} على كونه مفعولاً من أجله ، على أن يجوز أن يكون مصدراً ، لأن «يَدْعُونَ » وما بعده من باب التفضُّل ، فهو مصدر ملاقٍ لعامله في المعنى . وجعله أبو البقاء منصوباً بمقدر أي تَفَضَّلْنَا بذلك فضلاً{[50482]} أي تَفَضُّلاً{[50483]} .

فصل

احتج أهل السنة بهذه الآية على أن الثواب يحصل من الله ( تعالى ){[50484]} فضلاً وإحساناً وأن كل ما وصل إليه العبد من الخلاص عن النار والفَوْزِ بالجَنَّة ، فإنما يحصل بفضل الله تعالى ، ثم قال : { ذَلِكَ هُوَ الفوز العظيم } وهذا يدل على أن الفضل أعلى من درجات الثواب المستحق ، لأنه وصفه بكونه فَوْزاً عظيماً ، وأيضاً فإن الملكَ العظيم إذا أعطى الأجير أجرته ، ثم خلع على إنسان آخر ، فإن تلك الخُلْعة أعلى حالاً من إعطاء تلك الأجرة .


[50478]:مشكل إعراب القرآن 2/292.
[50479]:نقله صاحب المشكل في إعراب القرآن 2/292 أيضا السابق وقال الفراء في المعاني: "أي فعله تفضلا منه" 3/44.
[50480]:مشكل إعراب القرآن السابق وانظر في هذه الأوجه كلها السمين 4/822.
[50481]:في ب ظهر ماضيا.
[50482]:التبيان 1149.
[50483]:كذا في أ وفي ب وهو الموافق لما في التبيان: تفضيلا.
[50484]:زيادة من أ.