السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ} (1)

مقدمة السورة:

وتسمى اقتربت .

مكية إلا { سيهزم الجمع ويولون الدبر } الآيات وهي خمس وخمسون آية وثلاثمائة واثنتان وأربعون كلمة وألف وأربعمائة وثلاثة وعشرون حرفاً .

{ بسم الله } أي الذي أحاط علمه فتمت قدرته { الرحمن } الذي وسعت رحمته كل شيء فعمت الشقي والسعيد نعمته { الرحيم } الذي خص بإتمام نعمته من اصطفاه فأسعدتهم رحمته .

{ اقتربت الساعة } دنت القيامة وفي أول هذه السورة مناسبة لآخر ما قبلها ، وهو قوله تعالى : { أزفت الآزفة } [ النجم : 57 ] فكأنه أعاد ذلك مستدلاً عليه بقوله تعالى : { أزفت الآزفة } فهو حق إذ القمر انشق . وقوله تعالى : { وانشق القمر } ماض على حقيقته وهو قول عامّة المسلمين إلا من لا يلتفت إلى قوله وقد صح في الأخبار أنّ القمر انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين ، وعن ابن مسعود قال : «انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين فرقة فوق الجبل وفرقة دونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا » وروى أنس بن مالك أنّ أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراً بينهما . وقال سنان عن قتادة : فأراهم انشقاق القمر مرتين . وقال أبو الضحى عن مسروق عن عبد الله : لم ينشق بمكة . وقال مقاتل : انشق القمر ثم التأم بعد ذلك وقيل انشق بمعنى سينشق يوم القيامة ، وأوقع الماضي موقع المستقبل وهو خلاف الإجماع وقيل انشق بمعنى انفلق عنه الظلام عند طلوعه كما يسمى الصبح فلقاً وأنشد النابغة :

فلما أدبروا ولهم دوي *** دعانا عند شق الصبح داع

وإنما ذكرت ذلك تنبيهاً على ضعفه . وروى أبو الضحى عن مسروق عن عبد الله قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت قريش : سحركم ابن أبي كبشة فسلوا السفار فسألوهم فقالوا نعم قد رأيناه فأنزل الله تعالى : { اقتربت الساعة وانشق القمر } .