السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مَّا هُم مِّنكُمۡ وَلَا مِنۡهُمۡ وَيَحۡلِفُونَ عَلَى ٱلۡكَذِبِ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (14)

{ ألم تر } أي : تنظر يا أشرف الخلق { إلى الذين تولوا } أي : تكلفوا بغاية جهدهم وهم المنافقون أي جعلوا أولياءهم الذين يتولون لهم أمورهم { قوماً } ، وهم اليهود ابتغوا عندهم العزة اغتراراً بما يظهر لهم منهم من القوة { غضب الله } أي : الملك الأعلى الذي لا ندّ له { عليهم } أي : المتولى والمتولي لهم ، { ما هم } أي : المنافقون { منكم } أي : المؤمنين { ولا منهم } أي : اليهود بل هم مذبذبون وزاد في الشناعة عليهم بأقبح الأشياء بقوله تعالى :{ ويحلفون } أي : المنافقون يجدّدون الحلف على الاستمرار ودل بأداة الاستعلاء على أنهم في غاية الجراءة على استمرارهم على الإيمان الكاذبة بأنّ التقدير مجترئين { على الكذب } في دعوى الإسلام وغير ذلك مما يقعون فيه من عظائم الآثام فإذا عوتبوا عليه بادروا إلى الإيمان { وهم يعلمون } أنهم كاذبون متعمدون .

روي «أنّ عبد الله بن نبتل كان يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرفع حديثه إلى اليهود فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرة من حجره إذ قال لأصحابه : يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعين شيطان ، فدخل ابن نبتل وكان أزرق العينين أسمر قصيراً خفيف اللحية ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : علام تشتمني أنت وأصحابك فحلف بالله ما فعل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فعلت فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه فنزلت » .