السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّكُمۡ فُرۡقَانٗا وَيُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

ولما حذر الله تعالى عن الفتنة بالأموال والأولاد رغب في التقوى التي توجب ترك الميل والهوى في محبة الأموال والأولاد بقوله :

{ يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله } أي : بالأمانة وغيرها { يجعل لكم فرقاناً } أي : هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل { ويكفر عنكم سيئاتكم } أي : يسترها ما دمتم على التقوى { ويغفر لكم } أي : يمح ما كان منكم غير صالح عيناً وأثراً ، وقيل : السيآت الصغائر ، والذنوب الكبائر ، وقيل : المراد ما تقدّم وما تأخر ؛ لأنها في أهل بدر ، وقد غفر الله تعالى لهم ، وقوله تعالى : { والله ذو الفضل العظيم } تنبيه على أن ما وعده لهم على التقوى تفضل منه وإحسان ، وإنه ليس مما توجبه تقواهم عليه كالسيد إذا وعد عبده إنعاماً على عمله .