السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا قَالُواْ قَدۡ سَمِعۡنَا لَوۡ نَشَآءُ لَقُلۡنَا مِثۡلَ هَٰذَآ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (31)

{ وإذا تتلى عليهم آياتنا } أي : القرآن { قالوا } أي : هؤلاء الذين ائتمروا في أمره صلى الله عليه وسلم { قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا } وهذا غاية مكابرتهم ، وفرط عنادهم ، إذ لو استطاعوا ذلك لفعلوه وإلا فما منعهم لو كانوا مستطيعين ، وقرّعهم بالعجز عشر سنين ، ثم قارعهم بالسيف ، فلم يعارضوا بسورة مع أنفتهم وفرط استنكافهم أن يغلبوا خصوصاً في باب البيان ، وقيل : قائله النضر بن الحرث المقتول صبراً ؛ لأنه كان يأتي الحيرة يتجر فيشتري كتب أخبار العجم ويحدّث بها أهل مكة ، وإسناده إلى الجميع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم ، فكأنه كان قاضيهم ، وقد أسره المقداد يوم بدر ، فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بقتله ، فقال المقداد : أسيري يا رسول الله ؟ فقال : ( إنه كان يقول في كتاب الله تعالى ما يقول ) فعاد المقداد لقوله ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( اللهمّ أغن المقداد من فضلك ) فقال : ذاك الذي أردت يا رسول الله فقتله النبيّ صلى الله عليه وسلم فأنشدت أخته :

ما كان ضرك لو مننت وربما *** منّ الفتى وهو المغيظ المحنق

فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : ( لو بلغني هذا الشعر قبل قتله لمننت عليه ) { إن } أي : ما { هذا } أي : القرآن { إلا أساطير الأوّلين } أي : أخبار الأمم الماضية وأسماؤهم ، وما سطر الأوّلون في كتبهم ، والأساطير جمع أسطورة وهي المكتوبة من قولهم سطرت أي : كتبت وقيل : أساطير جمع أسطور وأسطار جمع سطر .