السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذۡ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ ٱلۡحَقَّ مِنۡ عِندِكَ فَأَمۡطِرۡ عَلَيۡنَا حِجَارَةٗ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئۡتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٖ} (32)

{ وإذ قالوا اللهمّ إن كان هذا } أي : الذي يقرؤه محمد { هو الحق } المنزل { من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } أي : مؤلم على إنكاره غير الحجارة قاله النضر وغيره ، استهزاء وإيهاماً أنه على بصيرة وجزم ببطلانه .

وعن معاوية رضي الله عنه أنه قال لرجل من سبأ : ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة قال : أجهل من قومي قومك قالوا : { اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك } الآية ، وما قالوا : إن كان هذا هو الحق فاهدنا إليه .

فإن قيل : قد حكى الله تعالى هذه المقالة عن الكفار ، وهي من حسن نظم القرآن ، فقد حصلت المعارضة في هذا القدر ، وأيضاً حكي عنهم أنهم قالوا في سورة بني إسرائيل ، { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً } ( الإسراء ، 90 ) الآية ، وذلك أيضاً كلام الكفار ، فقد حصل من كلامهم ما يشبه نظم القرآن وذلك يدل على حصول المعارضة ، أجيب : بأنّ الإتيان بهذا القدر لا يكفي في حصول المعارضة ؛ لأنه كلام قليل لا تظهر فيه وجوه المعارضة والفصاحة والبلاغة ؛ لأنّ أقل ما وقع به التحدي سورة أو قدرها .