{ فانطلقا } الفاءُ فصيحةٌ أي فقِبل عذرَه فخرجا من السفينة فانطلقا { حتى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ } قيل : كان الغلامُ يلعب مع الغلمان ففتل عُنقَه ، وقيل : ضرب برأسه الحائطَ ، وقيل : أضجعه فذبحه بالسكين { قَالَ } أي موسى عليه الصلاة والسلام : { أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً } طاهرةً من الذنوب ، وقرئ زاكيةً { بِغَيْرِ نَفْسٍ } أي بغير قتلِ نفسٍ محرمة ؟ وتخصيصُ نفْي هذا المبيحِ بالذكر من بين سائرِ المبيحات من الكفر بعد الإيمان والزنا بعد الإحصانِ لأنه الأقربُ إلى الوقوع نظراً إلى حال الغلام ، ولعل تغييرَ النظمِ الكريم بجعل ما صدر عن الخضِر عليه الصلاة والسلام هاهنا من جملة الشرطِ ، وإبرازِ ما صدر عن موسى عليه الصلاة والسلام في معرض الجزاءِ المقصودِ إفادتُه مع أن الحقيقَ بذلك إنما هو ما صدر عن الخضر عليه الصلاة والسلام من الخوارق البديعة لاستشراف النفسِ إلى ورود خبرِها لقلة وقوعِها في نفس الأمر ونُدرة وصولِ خبرها إلى الأذهان ، ولذلك روعيت تلك النكتةُ في الشرطية الأولى لما أن صدورَ الخوارقِ منه عليه الصلاة والسلام خرج بوقوعه مرة مَخرجَ العادة ، فانصرفت النفسُ عن ترقبّه إلى ترقب أحوالِ موسى عليه الصلاة والسلام هل يحافظ على مراعاة شرطِه بموجب وعدِه الأكيدِ عند مشاهدةِ خارقٍ آخرَ ، أو يسارع إلى المناقشة كما مر في المرة الأولى ؟ فكان المقصودُ إفادةَ ما صدر عنه عليه الصلاة والسلام ففعل ما فعل ولله درُّ شأنِ التنزيل . وأما ما قيل من أن القتلَ أقبحُ والاعتراضَ عليه أدخلُ فكان جديراً بأن يُجعل عمدةً في الكلام فليس من دفع الشبهةِ في شيء بل هو مؤيدٌ لها ، فإن كونَ القتل أقبحَ من مبادي قلة صدورِه عن المؤمن العاقلِ ونُدرةِ وصولِ خبره إلى الأسماع ، وذلك مما يستدعي جعلَه مقصوداً بالذات وكونَ الاعتراضِ عليه أدخلَ من موجبات كثرة صدورِه عن كل عاقل وذلك مما لا يقتضي جعله كذلك { لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } قيل : معناه أنكرُ من الأول إذا لا يمكن تدارُكه كما يمكن تداركُ الأول بالسدّ ونحوِه ، وقيل : الأمرُ أعظمُ من النُّكر لأن قتلَ نفس واحدةٍ أهونُ من إغراق أهلِ السفينة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.