إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ثُمَّ لَنَحۡنُ أَعۡلَمُ بِٱلَّذِينَ هُمۡ أَوۡلَىٰ بِهَا صِلِيّٗا} (70)

{ ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلّ شِيعَةٍ } أي من كل أمةٍ شايعت ديناً من الأديان { أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرحمن عِتِيّاً } أي مَنْ كان منهم أعصى و أعتى فنطرَحهم فيها ، وفي ذكر الأشدّ تنبيهٌ على أنه تعالى يعفو عن بعضٍ من أهل العصيان . وعلى تقدير تفسير الإنسانِ بالكفرة فالمعنى إنا نميز من كل طائفةٍ منهم أعصاهم فأعصاهم وأعتاهم فأعتاهم فنطرحهم في النار على الترتيب أو نُدخل كلاًّ منهم طبقتَها اللائقةَ به . وأيُّهم مبنيٌّ على الضم عند سيبويه لأن حقه أن يُبنى كسائر الموصولاتِ لكنه أُعرب حملاً على كلٍ وبعض للزوم الإضافة ، وإذا حُذف صدرُ صلتِه زاد نقصُه فعاد إلى حقه ، وهو منصوبُ المحل بننزعنّ ولذلك قرئ منصوباً ، ومرفوعٌ عند غيره بالابتداء على أنه استفهاميٌّ وخبرُه أشدُّ والجملةُ محكيةٌ ، والتقديرُ لننزعَنّ من كل شيعةٍ الذين يقال لهم أيُّهم أشدُّ ، أو مُعلّقٌ عنها لننزعن لتضمّنه معنى التمييزِ اللازمِ للعلم ، أو مستأنفةٌ والفعل واقعٌ على كل شيعة كقوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهْمْ مّن رَّحْمَتِنَا } و ( على ) للبيان فيتعلق بمحذوف كأنّ سائلاً قال : على مَنْ عتَوا ؟ فقيل : على الرحمن ، أو متعلقٌ بأفعل وكذا الباءُ في قوله تعالى { ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بالذين هُمْ أولى بِهَا صِلِيّاً } أي هم أولى بالنار وهم المنتزَعون ، ويجوز أن يراد بهم وبأشدِّهم عِتيًّا رؤساءُ الشِيَع فإن عذابَهم مضاعفٌ لضلالهم وإضلالهم ، والصِّليُّ كالعِتيّ صيغةً وإعلالاً وقرئ بضم الصاد . .