إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمٗا مَّقۡضِيّٗا} (71)

{ وَإِن مّنكُمْ } التفاتٌ لإظهار مزيدِ الاعتناءِ بمضمون الكلامِ ، وقيل : هو خطابٌ للناس من غير التفاتٍ إلى المذكور ، ويؤيد الأولَ أنه قرئ وإن منهم أي منكم أيها الإنسانُ { إِلاَّ وَارِدُهَا } أي واصلُها وحاضرٌ دونها يمرّ بها المؤمنون وهي خامدةٌ وتنهار بغيرهم . وعن جابر أنه صلى الله عليه وسلم سئل عنه فقال : « إذا دخل أهلُ الجنةِ الجنةَ قال بعضُهم لبعض : أليس قد وعدنا ربنا أن نرِدَ النار ؟ فيقال لهم : قد وردتُموها وهي خامدةٌ » وأما قولُه تعالى : { أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } فالمرادُ الإبعادُ عن عذابها ، وقيل : ورودُها الجوازُ على الصراط الممدودِ عليها { كَانَ } أي ورودُهم إياها { على رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً } أي أمراً محتوماً أوجبه الله عز وجل على ذاته وقضى أنه لا بد من وقوعه البتةَ ، وقيل : أقسم عليه .