{ إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات } أي العفائفَ ممَّا رُمين به من الفاحشةِ { الغافلات } عنها على الإطلاقِ بحيثُ لم يخطرْ ببالهنَّ شيءٌ منها ولا من مُقدِّماتِها أصلاً . ففيها من الدِّلالةِ على كمالِ النَّزاهةِ ما ليس في المحصناتِ أي السليماتِ الصدورِ النقيَّاتِ القلوبِ عن كلِّ سوءٍ { المؤمنات } أي المتصفاتِ بالإيمانِ بكلِّ ما يجبُ أنْ يُؤمن به الواجباتِ والمحظوراتِ وغيرِها إيماناً حقيقياً تفصيلياً كما ينبئ عنه تأخيرُ المؤمناتِ عمَّا قبلَها من أصالةِ وصفِ الإيمانِ فإنَّه للإيذان بأنَّ المرادَ بها المعنى الوصفيُّ المُعربُ كما ذُكر لا المعنى الاسميُّ المصححُ لإطلاق الاسمِ في الجملةِ كما هو المتبادرُ على تقديرِ التَّقديمِ ، والمرادُ بها عائشةُ الصِّدِّيقةُ رضي الله عنهَا . والجمعُ باعتبارِ أنَّ رميَها رميٌ لسائرِ أمَّهاتِ المُؤمنينَ لاشتراكِ الكلِّ في العصمةِ والنَّزاهةِ والانتسابِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قولِه تعالى : { كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المرسلين } ونظائرِه وقيلَ : أمَّهاتُ المؤمنينَ فيدخلُ فيهن الصِّدِّيقةُ دُخولاً أوليًّا وأما ما قيل منْ أنَّ المرادَ هي الصِّدِّيقةُ والجمعُ باعتبارِ استتباعِها للمتَّصفاتِ بالصِّفاتِ المذكورةِ من نساءِ الأمةِ فيأباهُ أنَّ العقوباتِ المترتبةَ على رميِ هؤلاءِ عقوباتٌ مختصَّةٌ بالكفَّارِ والمنافقينِ ولا ريبَ في أنَّ رميَ غيرِ أمَّهاتِ المُؤمنين ليس بكفرٍ فيجبُ أن يكونَ المرادُ إيَّاهُنَّ على أحدِ الوجهينَ فإنهنَّ قد خصصنَّ من بين سائرِ المُؤمناتِ فجعل رميهنَّ كفراً إبرازاً لكرامتهنَّ على الله عزَّ وجلَّ وحمايةً لحمى الرِّسالة مِنْ أنْ يحومَ حوله أحدٌ بسوءٍ حتَّى إنَّ ابنَ عبَّاسٍ رضي الله عنهما جعلَه أغلظَ من سائرِ أفرادِ الكفرِ حينَ سُئل عن هذه الآياتِ فقالَ : مَن أذنبَ ذنباً ثمَّ تابَ منه قُبلت توبتُه إلا مَن خاضَ في أمرِ عائشةَ رضي الله عنها .
وهَلْ هُو منه رضي الله عنه إلا لتهويلِ أمرِ الإفكِ والتنبيهِ على أنَّه كفرٌ غليظٌ { لُعِنُواْ } بما قالُوه في حقهنَّ { في الدنيا والآخرة } حيثُ يلعنُهم اللاعنونَ من المؤمنينَ والملائكةِ أبداً { وَلَهُمْ } معَ ما ذُكر من اللَّعنِ الأبديِّ { عَذَابٌ عظِيمٌ } هائلٌ لا يُقادر قدرُه لغاية عظمِ ما اقترفُوه من الجنايةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.