قوله{[34329]} : { إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات } العفائف «الغَافِلاَت » عن الفواحش «المُؤْمِنَاتِ » والغافلة عن الفاحشة أي : لا تقع في مثلها ، وكانت عائشة كذلك ، فقال بعضهم : الصيغة عامة ، فيدخل فيه قَذَفَةُ عائشة وغيرها{[34330]} .
قالت عائشة : رميت وأنا غافلة ، وإنما بلغني بعد ذلك ، فبينا رسول الله{[34331]} عندي إذ أوحى إليه ، قال : «أبشري » وقرأ : { إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات الغافلات المؤمنات } .
وقيل : المراد جُملة أزواج رسول الله ، وأنهن لشرفهن خصصن بأن من قذفهن فهذا الوعيد لاحقٌ به . واحتج هؤلاء بأمور :
الأول : أن قاذف سائر المحصنات تقبل توبته لقوله في أول السورة : { والذين يَرْمُونَ المحصنات } [ النور : 4 ] إلى قوله : { إِلاَّ الذين تَابُواْ . . . }{[34332]} [ النور : 5 ] .
وأما القاذف في هذه الآية فإنه لا تقبل توبته لقوله تعالى : { لُعِنُواْ فِي الدنيا والآخرة } ولم يذكر استثناء .
وأيضاً فهذه صفة المنافقين في قوله : { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثقفوا }{[34333]} [ الأحزاب : 61 ] .
الثاني : أن قاذف سائر المحصنات لا يكفر ، والقاذف في هذه الآية كافر ، لقوله : { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ . . . }وذلك صفة الكفار والمنافقين لقوله{[34329]} : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ الله إِلَى النار . . . }{[34330]} [ فصلت : 19 ] الآيات{[34331]} .
الثالث : أنه قال : { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } والعذاب العظيم هو عذاب{[34332]} الكفر ، ( فدلّ على أن عذاب هذا القاذف عقاب الكفر ) {[34333]} . وعقاب قذف سائر المحصنات لا يكون عقاب الكفر .
وروي أن ابن عياش{[34339]} كان بالبصرة يوم عرفة ، وكان يسأل عن تفسير هذه الآية ، فقال : «من أذنب ثم تاب قبلت توبته إلا من خاض في أمر عائشة » .
وأجاب الأولون بأن الوعيد المذكور في هذه الآية لا بد وأن يكون مشروطاً بعدم التوبة ، لأن الذنب سواء كان كفراً أو فسقاً{[7]} ، فإذا تاب عنه صار مغفوراً .
وقيل : هذه الآية نزلت في مشركي مكة حين كان بينهم وبين رسول الله عهد ، فكانت المرأة إذا خرجت إلى المدينة مهاجرة قذفها المشركون من أهل مكة وقالوا : «إنها خرجت لتفجر » فنزلت فيهم{[8]} . {[34339]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.