بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡغَٰفِلَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ} (23)

قوله عز وجل : { إِنَّ الذين يَرْمُونَ المحصنات } ، يعني : العفائف { الغافلات } ، يعني : عن الزنى والفواحش . { المؤمنات } ، أي المصدقات بالألسن والقلوب ، { لُعِنُواْ فِى الدنيا والآخرة } ؛ وأصل اللعنة ، هي الطرد والبعد ؛ ويقال للشيطان : اللعين ، لبعده عن الرحمة . وروي في الخبر أن يوم القيامة تكون هذه الأمة شاهدة على الأمم الأولين ، إلا الذين تجري على لسانهم اللعنة . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلاً يلعن بعيره ، فقال : « أَتَلْعَنُهَا وَتَرْكَبُهَا ؟ » فنزل عنها ، ولم يركبها أحد .

قوله تعالى : { وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } ، أي شديد يوم القيامة . وذكر أن حسان بن ثابت ذهب بصره في آخر عمره ، فدخل يوماً على عائشة ، فجلس عندها ساعة ، ثم خرج ، فقيل لها : إن الله تعالى قال : { لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ . فقالت عائشة : أوليس هذا أعظم ؟ يعني : ذهاب بصره ؛ ويقال : عذاب عظيم إن لم يتوبوا .