إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (83)

{ فسبحان الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَيْء } تنزيهٌ له عزَّ وعلا عمَّا وصفُوه تعالى به وتعجيبٌ ممَّا قالوا في شأنهِ تعالى وقد مرَّ تحقيقُ معنى سبحانَ . والفاءُ للإشارةِ إلى أنَّ ما فُصِّل من شؤونهِ تعالى موجبةٌ لتنزُّهه وتنزيههِ أكملَ إيجابٍ كما أنَّ وصفَه تعالى بالمالكيةِ الكلِّيةِ المُطلقة للإشعارِ بأنَّها مقتضيةٌ لذلك أتمَّ اقتضاءٍ . والملكوتُ مبالغةٌ في المُلكِ كالرَّحموتِ والرَّهبوتِ . وقرئ ملكةُ كلِّ شيءٍ ومملكةُ كلِّ شيءٍ ومُلكُ كلِّ شيءٍ . { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } لا إلى غيرِه . وقرئ ترجعون بفتحِ التَّاءِ من الرُّجوعِ وفيهِ من الوعدِ والوعيدِ ما لا يَخْفى .

ختام السورة:

عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُما : كنتُ لا أعلمُ ما رُوي في فضائلِ يس وقراءتها كيف خُصَّتْ بذلك فإذا أنه لهذه الآيةِ . قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ لكلِّ شيءٍ قَلباً وإنَّ قلبَ القُرآنِ يس مَن قَرأها يريدُ بها وجه الله تعالى غفرَ اللَّهُ له وأُعطيَ من الأجرِ كأنَّما قرأ القُرآنَ اثنتينِ وعشرينَ مرَّةً{[1]} ) وأيَّما مسلمٍ قُرئ عنده إذَا نزل به مَلَكُ الموتِ سورةُ يس نزلَ بكلِّ حرفٍ منها عشرةُ أملاكٍ يقومون بين يديهِ صفوفاً يصلُّون عليهِ ويستغفرونَ له ويشهدونَ غسلَهُ ويتبعونَ جنازتَهُ ويصلُّون عليهِ ويشهدون دفنَهُ وأيَّما مسلمٍ قرأ يس وهو في سكراتِ الموتِ لم يقبضْ مَلَكُ الموتِ رُوحَه حتَّى يجيئه رَضوانُ خازنُ الجنَّةِ بشربةٍ من شراب الجنَّةِ فيشربها وهو عَلى فراشِه فيقبضُ مَلَكُ الموتِ رُوحَه وهو ريَّانُ ويمكثُ في قبرهِ وهو ريَّانُ ولا يحتاجُ إلى حوضٍ من حياض الأنبياءِ حتَّى يدخلَ الجنَّة وهو ريَّانُ . وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ في القُرآنِ سورةً تشفعُ لقارئِها وتستغفرُ لمستمِعها ألا وهيَ سورةُ يس ) .


[1]:ورد في الأصل "حتى يرد".