إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَلَمَّآ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِينِ} (103)

{ فَلَمَّا أَسْلَمَا } أي استسلما لأمرِ الله تعالى وانقادا وخَضَعا له يقال سَلَّم لأمرِ الله وأسلَم واستسلَم بمعنى واحدٍ . وقرئ بهنَّ جميعاً . وأصلُها من قولك سَلِمَ هذا لفلانٍ إذا خلُص له ومعناه سَلِمَ من أنْ يُنازع فيهِ وقولهم سلَّم لأمرِ الله وأسلمَ له منقولانِ منه ومعناهما أخلصَ نفسَه لله وجعلها سالمةً له وكذلك معنى استسلَم استخلصَ نفسَه له تعالى . وعن قتادة رضي الله عنه في أسلما : أسلَمَ إبراهيمُ ابنَه وإسماعيلُ نفَسه . { وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } صرعَه على شقِّه فوقع جبينُه على الأرض وهو أحدُ جانبَيْ الجبهةِ وقيل كبَّه على وجههِ بإشارتهِ كيلا يرى منه ما يُورِث رقَّةً تحولُ بينه وبين أمرِ الله تعالى وكان ذلك عند الصَّخرةِ من مِنَى . وقيل في الموضعِ المُشرف على مسجدِ مِنَى وقيل في المنحرِ الذي يُنحر اليوم فيه .