الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَلَمَّآ أَسۡلَمَا وَتَلَّهُۥ لِلۡجَبِينِ} (103)

قوله تعالى{[57570]} : { فلما أسلما }{[57571]} أي{[57572]} : أسلما الأمر لله ورضيا بالذبح الذابح والمذبوح وتله : صرعه والجبين : ما عن يمين الجبهة وعن{[57573]} شمالها .

قال قتادة : تله : كبه وحول وجهه إلى قفاه{[57574]} .

قال ابن عباس : كبه{[57575]} على جبهته{[57576]} .

قال السدي{[57577]} : فنودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا بالحق ، فالتفت فإذا بكبش فأخذه وخلى{[57578]} عن ابنه ، وأكب على ابنه يقلبه ، وهو يقول : اليوم يا بني وهبت لي ، فهو قوله تعالى : { وفديناه بذبح عظيم } فرجع إلى سارة فأخبرها الخبر فجزعت وقالت : يا إبراهيم أردت أن تذبح ابني ولا تعلمني{[57579]} .

قال عكرمة في معنى{[57580]} { وتله للجبين } : قال له الغلام : يا أبت{[57581]} اقذفني للوجه كل لا تنظر إلى وجهي فترحمني وانظر أنا إلى الشفرة{[57582]} فأجزع{[57583]} .

قال مجاهد : " وتله للجبين " وضع وجهه على الأرض{[57584]} فقال له : يا أبت لا تذبحني وأنت تنظر إلى وجهي عسى أن ترحمني ، فلا تحن{[57585]} علي ، اربط يدي إلى المرفقين{[57586]} ثم وضع{[57587]} وجهي في الأرض{[57588]} .

ومن قرأ ترى{[57589]} بفتح التاء والراء ، فمعناه : ماذا{[57590]} عندك من الرأي فيما قلت لك ، على معنى الامتحان لإسحاق لا على{[57591]} معنى الاستشارة له في أمر الله .

ومن ضم التاء{[57592]} فمعنى قراءته : ماذا ترى من صبرك أو جزعك . وقيل : معنى الكلام : ماذا{[57593]} تشير{[57594]} امتحانا له{[57595]} .

وغلط أبو عبيد{[57596]} وأبو حاتم في هذا فجعلاه من رؤية{[57597]} العين ، وليس كذلك إنما هو في معنى الرأي تقول أريت{[57598]} فلانا الصواب وأريته{[57599]} رشده{[57600]} .

قال ابن عباس : إن الله لما أمر إبراهيم{[57601]} بالمناسك عرض له الشيطان عند المسعى{[57602]} ، فسابقه فسبقه إبراهيم ، ثم ذهب به جبريل صلى الله عليه وسلم{[57603]} إلى جمرة العقبة{[57604]} ، فعرض له الشيطان فرمى بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب{[57605]} . ثم تله للجبين وعلى إسماعيل قميص أبيض ، فقال له{[57606]} : يا أبت إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غير هذا فاخلعه{[57607]} عني فكفني فيه ، فالتفت إبراهيم صلى الله عليه وسلم فإذا بكبش أعين{[57608]} أبيض أقرن{[57609]} فذبحه{[57610]} .

قال ابن عباس : لقد رأيتنا نتبع هذا الضرب من الكباش{[57611]} .

وجواب لما محذوف ، والتقدير : فلما أسلما سعدا{[57612]} وأجزل لهما الثواب{[57613]} .

وقال الكوفيون : الجواب : ناديناه والواو زائدة{[57614]} .


[57570]:ب: "عز وجل"
[57571]:انظر: جامع البيان 23/78
[57572]:ساقط من ب
[57573]:نفسه
[57574]:انظر: الجامع للقرطبي 15/104 وتفسير ابن كثير 4/16
[57575]:ب: "أكبه"
[57576]:انظر: جامع البيان 23/78 وتفسير ابن كثير 4/16 والدر المنثور 7/111
[57577]:مثبت في طرة أ
[57578]:في أ: "خلا" وفي ب "حل"
[57579]:انظر: جامع البيان 23/78
[57580]:ب: "معنى قوله"
[57581]:ساقط من ب
[57582]:الشفرة بالفتح: السكين العريضة العظيمة، وجمعها شفر وشفار، انظر: اللسان مادة "شفر" 4/420
[57583]:انظر: جامع البيان 23/78
[57584]:ما بين المعقوقين مثبت في طرة ب
[57585]:أ: "فلا تجيز"
[57586]:مثبت في طرة أ وفي ب: "ركبتي" وفي جامع البيان "رقبتي"
[57587]:ب: "أوضع"
[57588]:انظر: جامع البيان 23/80 وتاريخ الأمم والملوك 1/143
[57589]:ساقط من ب
[57590]:ب: "ما عندك"
[57591]:ساقط من ب
[57592]:قرأ حمزة والكسائي: "ترى" بضم التاء وقرأ الباقون بفتحها انظر: الكشف لمكي 2/225، والسبعة لابن مجاهد 548 وسراج القارئ 335، وقد أورد ابن جني قراءات أخرى منها: قراءة الأعمش والضحاك: "فانظر: ما ترى" بضم التاء وفتح الراء، وقراءتي قطرب: "ماذا ترى وتري" بفتح الراء وكسرها انظر: المحتسب 2/223
[57593]:ما بين المعقوقين مثبت في طرة ب
[57594]:ب: "ما ترى لشي"
[57595]:انظر: إعراب النحاس 3/433 ومعاني الزجاج 4/310
[57596]:ب: "أبو عبيدة" وهو خطأ
[57597]:ب: "رواية" وهو تحريف
[57598]:ب: "أرأيته" وهو تحريف
[57599]:المصدر السابق
[57600]:انظر:الجامع للقرطبي 15/103 وقد وافق القرطبي مكيا في رده على أبي عبيد وأبي حاتم
[57601]:ب: "إبراهيم صلى الله عليه وسلم"
[57602]:ب: "السعي"
[57603]:ساقط من ب
[57604]:ب: "للعقبة"
[57605]:ما بين المعقوقين ساقط من ب
[57606]:ساقط من ب
[57607]:ب: فآخلفه
[57608]:أي ضخم العينين واسعهما انظر: اللسان مادة "عين" 13/302
[57609]:أي كبير القرنين. انظر: اللسان مادة "قرن" 13/331
[57610]:انظر: جامع البيان 23/80 وتاريخ الأمم والملوك 1/142 وتفسير ابن كثير 4/16
[57611]:المصادر السابقة
[57612]:أ: "صعدا" وما أثبت في المتن هو من ب وهو ما جاء في مشكل الإعراب
[57613]:انظر: مشكل الإعراب لمكي 2/617
[57614]:هو قول الكسائي والفراء والكوفيين عامة. انظر: مشكل الإعراب 2/617 ومعاني الفراء 2/390 والتبيان للعكبري 2/1092