إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَأُضِلَّنَّهُمۡ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمۡ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلۡقَ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيۡطَٰنَ وَلِيّٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانٗا مُّبِينٗا} (119)

{ وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنّيَنَّهُمْ } الأمانيَّ الباطلةَ كطول الحياةِ وألاّ بعْثَ ولا عقابَ ونحوَ ذلك { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتّكُنَّ آذَانَ الأنعام } أي فلَيقْطَعُنَّها بموجب أمري ويشُقُّنّها من غير تلعثم في ذلك ولا تأخير وذلك ما كانت العربُ تفعله بالبحائر والسوائب { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيّرُنَّ } ممتثلين به { خَلْقَ الله } عن نهجه صورةً أو صفةً وينتظم فيه ما قيل من فقءِ عين الحامي وخِصاءِ العبيدِ والوشمِ والوشْرِ ونحوِ ذلك ، وعمومُ اللفظِ يمنع الخِصاءَ مطلقاً لكن الفقهاء رخّصوا في البهائم لمكان الحاجةِ وهذه الجملُ المحكيةُ عن اللعين مما نطق به لسانُه مقالاً أو حالاً وما فيها من اللامات كلَّها للقَسَم ، والمأمورُ به في الموضعين محذوفٌ ثقةً بدلالة النظمِ عليه { وَمَن يَتَّخِذِ الشيطان وَلِيّاً من دُونِ الله } بإيثار ما يدعو إليه على ما أمر الله تعالى به ومجاوزتِه عن طاعة الله تعالى إلى طاعته { فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً } لأن ضيَّع رأسَ مالِه بالكلية واستبدل بمكانه من الجنة مكانَه من النار .