إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ فَٱعۡبُدُوهُۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ} (102)

{ ذلكم } إشارةٌ إلى المنعوت بما ذُكر من جلائل النعوتِ وما فيه من معنى البُعد للإيذان بعلوِّ شأنِ المُشارِ إليه وبُعدِ منزلتِه في العظمة ، والخطابُ للمشركين المعهودين بطريق الالتفاتِ ، وهو مبتدأٌ وقولُه تعالى : { الله رَبُّكُمْ لا إله إِلاَّ هُوَ خالق كُلّ شيء } أخبارٌ أربعةٌ مترادفةٌ أي ذلك الموصوفُ بتلك الصفاتِ العظيمةِ هو الله المستحِقُّ للعبادة خاصةً ، مالكُ أمرِكم لا شريك له أصلاً ، خالقُ كلِّ شيءٍ مما كان ومما سيكون ، فلا تكرارَ ، إذ المعتبرُ في عنوان الموضوعِ إنما هو خالقيتُه لما كان فقط كما ينبئ عنه صيغةُ الماضي ، وقيل : الخبرُ هو الأولُ ، والبواقي أبدالٌ ، وقيل : الاسمُ الجليلُ بدلٌ من المبتدأ والبواقي أخبارٌ ، وقيل : يقدر لكلٍّ من الأخبار الثلاثةِ مبتدأٌ ، وقيل : يُجعل الكلُّ بمنزلة اسمٍ واحد . وقولُه تعالى : { فاعبدوه } حكم مترتبٌ على مضمون الجملة ، فإن مَنْ جمع هذه الصفاتِ كان هو المستحقُّ للعبادة خاصة ، وقوله تعالى : { وَهُوَ على كُلّ شيء وَكِيلٌ } عطفٌ على الجملة المتقدمة أي هو مع ما فُصل من الصفات الجليلةِ متولي أمورِ جميعِ مخلوقاتِه التي أنتم من جملتها فكِلوا أمورَكم إليه وتوسلوا بعبادته إلى نجاح مآربِكم الدنيويةِ والأخروية .