{ وَلاَ تَسُبُّوا الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله } أي لا تشتُموهم من حيث عبادتُهم لآلهتهم كأن تقولوا : تباً لكم ولما تعبُدونه مثلاً { فَيَسُبُّوا الله عَدْواً } تجاوزاً عن الحق إلى الباطل بأن يقولوا لكم مثلَ قولِكم لهم { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي بجهالة بالله تعالى وبما يجب أن يُذكَرَ به ، وقرئ عُدُوّاً يقال : عدا يعدو عَدْواً وعُدُوّاً وعِداء وعُدْواناً . روي أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند نزول قوله تعالى : { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ } [ الأنبياء ، الآية 98 ] : لتنتهِيَنَّ عن سب آلهتِنا أو لنهجُوَنّ إلهك . وقيل : كان المسلمون يسبّونهم فنُهوا عن ذلك لئلا يستتبِعَ سبُّهم سبَّه سبحانه وتعالى ، وفيه أن الطاعةَ إذا أدتْ إلى معصية راجحةٍ وجب تركُها فإن ما يؤدي إلى الشر شرٌّ . { كذلك } أي مثلَ ذلك التزيينِ القويِّ { زَيَّنَّا لِكُلّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ } من الخير والشر بإحداث ما يُمكّنهم منه ويحمِلُهم عليه توفيقاً أو تخذيلاً ، ويجوز أن يُراد بكل أمة أممُ الكفرةِ إذ الكلامُ فيهم وبعملهم شرُّهم وفسادُهم ، والمشبَّه به تزيينُ سبِّ الله تعالى لهم { ثُمَّ إلى رَبّهِمْ } مالك أمرِهم { مَرْجِعُهُمْ } أي رجوعُهم وهو البعثُ بعد الموت { فَيُنَبّئُهُمْ } من غير تأخير { بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } في الدنيا على الاستمرار من السيئات المزيَّنةِ لهم ، وهو وعيدٌ بالجزاء والعذاب ، كقول الرجل لمن يتوعدُه : سأُخبرُك بما فعلت ، وفيه نكتةٌ سِرّية مبنيةٌ على حِكمة أبيّةٍ ، وهو أن كلَّ ما يظهر في هذه النشأةِ من الأعيان والأعراضِ فإنما يظهر بصورة مستعارةٍ مخالفةٍ لصورته الحقيقية التي بها يظهر في النشأة الآخرة ، فإن المعاصيَ سمومٌ قاتلةٌ قد برزت في الدنيا بصورةٍ ما تستحسنها نفوسُ العصاة ، كما نطقت به هذه الآيةُ الكريمة ، وكذا الطاعاتُ فإنها مع كونها أحسنَ الأحاسنِ قد ظهرت عندهم بصورة مكروهةٍ ، ولذلك قال عليه السلام : «حُفَّت الجنَّةُ بالمكارِهِ وحَفَّتِ النارُ بالشهواتِ » فأعمال الكفرةِ قد برزت لهم في النشأة بصورة مزيَّنةٍ يستحسنها الغُواةُ ويستحبّها الطغاةُ ، وستظهر في النشأة الآخرةِ بصورتها الحقيقيةِ المنكرةِ الهائلةِ فعند ذلك يعرِفون أن أعمالهم ماذا فعبر عن إظهارها بصورها الحقيقية بالإخبار بها لما أن كلاًّ منهما سبب للعلم بحقيقتها كما هي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.